المجاعة تهدد العالم.. و193 مليون شخص مهددون بالجوع

باسم المحمد:
تقود الولايات المتحدة العالم باتجاه كارثة إنسانية كبرى بإستراتيجياتها وسياساتها المتبعة في ملف الغذاء بهدف إخضاع الشعوب من خلال العمل على تجويعها وإفقادها ثرواتها الغذائية والزراعية إما عن طريق إشعال الحروب الداخلية والخارجية، أو محاصرة الدول القادرة على الإنتاج الزراعي ، كما تسيطر شركاتها على الأراضي الخصبة في مختلف أنحاء العالم وتستغلها في إنتاج الوقود الحيوي، وفي حال استمرار هذا السلوك “الاستعبادي” فلن تعاني دول العالم الثالث والفقيرة فقط من خطر المجاعة بل أيضاً حلفاء أمريكا الأوروبيون الذين تدفعهم لصب الزيت على نار الأزمة الأوكرانية وإطالة أمدها بالرغم من أن روسيا وأوكرانيا تعدان المصدر الأساس لغذاء القارة العجوز.
حيث يشير برنامج الغذاء التابع للأمم المتحدة إلى أن روسيا وأوكرانيا تمثلان 30% من صادرات القمح العالمية و20% من مبيعات الذرة و76% من الصادرات العالمية لبذور عباد الشمس، ما يجعل منطقة البحر الأسود سلة الخبز في العالم، ويقدر الخبراء أن تأثير نقص الغذاء سيشمل أكثر من 60 دولة اعتادت شراء الحبوب والمواد الغذائية الخام من روسيا، وخاصة بعد ارتفاع الأسعار الفعلي بسبب حملات مقاطعة الاقتصاد الروسي، وارتفاع أسعار البترول أيضاً.
“أسباب الأزمة”
سببت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، من خلال سياساتهما المالية غير المسؤولة، وإصدار النقود غير المغطاة، خللاً هائلاً ما بين كمية البضائع في العالم ومقدار الدولار واليورو والجنيه الإسترليني ونتيجة لذلك ترتفع الأسعار في جميع أنحاء العالم باطراد، بما في ذلك أسعار البنزين والغاز والمواد الغذائية ما أدى إلى اقتراب العالم من سيناريو القصور الذاتي، وتالياً التضخم العالمي المفرط وانهيار الاقتصاد العالمي خلال فترة قليلة قادمة، حيث بدأت المصانع الكيماوية التي تنتج الأسمدة الزراعية بالإغلاق الخريف الماضي في أوروبا بسبب ارتفاع أسعار الغاز، وهو ما سيؤدي، بطبيعة الحال، إلى نقص في الأسمدة، وتالياً إلى ارتفاع أسعارها، وإفلاس عدد من منتجي المواد الغذائية الأمر الذي سيخفض الإنتاج العالمي من الحبوب والمواد الغذائية الأخرى انخفاضاً حاداً هذا العام.
كما رأى تقرير للبنك الدولي أن الأزمة الأوكرانية أحدثت زيادة عالمية تثير القلق في إجراءات الرقابة الحكومية على تصدير المواد الغذائية، فخلال أسابيع قليلة، شهد عدد البلدان التي فرضت قيوداً على تصدير المواد الغذائية زيادة كبيرة بلغت 25%، ليصل إجمالي عددها إلى 35 بلداً، وأظهرت أحدث البيانات أنه في نهاية شهر آذار الماضي، كان قد تم فرض 53 تدخلاً جديداً على صعيد السياسات يؤثر على تجارة المواد الغذائية ، فرض 31 تدخلاً منها قيود على الصادرات، وتضمنت 9 تدخلات فرض قيود على صادرات القمح, ويُظهر التاريخ أن القيود من هذا النوع تحدث نتائج عكسية بأكثر الطرق مأساوية. فقبل عقد من الزمان، على وجه الخصوص، أدت تلك القيود إلى تفاقم أزمة الغذاء العالمية، ما أحدث زيادة في أسعار القمح بنسبة هائلة بلغت 30%.
وتؤثر التدابير التجارية بالفعل تأثيراً واضحاً على أسعار المواد الغذائية, فقد فرضت روسيا قيوداً على صادرات القمح إلى بلدان خارج الاتحاد الاقتصادي للمنطقة الأوروبية الآسيوية وإضافة إلى روسيا، فرض المصدرون الأصغر حجماً، مثل: صربيا ومقدونيا الشمالية، قيوداً على الصادرات, وقد حذت البلدان المستوردة للمواد الغذائية، مثل: مصر التي تستورد 80% من احتياجاتها من القمح من روسيا وأوكرانيا وتشعر بالقلق بشأن السلع المعاد تصديرها حذو تلك البلدان, وتغطي هذه التدابير وحدها 16% من حجم التجارة العالمية، وكانت السبب في زيادة بلغت سبع نقاط مئوية في أسعار القمح العالمية وتعادل هذه النسبة نحو سدس الارتفاع الإجمالي في الأسعار.
فيما كشف تقرير عالمي حول أزمة الغذاء النقاب عن استمرار ارتفاع عدد الأشخاص الذي يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون مساعدات غذائية عاجلة منقذة للحياة ودعم سبل العيش، وركز التقرير على البلدان والأقاليم التي يتجاوز فيها حجم وشدة أزمة الغذاء الموارد والقدرات المحلية.

وحسب التقرير السنوي الذي أطلقته “الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية” وهي تحالف دولي يضمّ الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجهات الحكومية وغير الحكومية التي تعمل على معالجة الأزمات الغذائية معاً أن الاتجاهات المقلقة في انعدام الأمن الغذائي هي نتيجة لعدة عوامل تتغذى على بعضها البعض، بدءاً من الصراع إلى الأزمات البيئية والمناخية، ومن الأزمات الاقتصادية إلى الصحة مع الفقر وعدم المساواة كأسباب ثابتة, وأشار التقرير إلى أن نحو 193 مليون شخص في 53 دولة أو منطقة خبروا انعدام الأمن الغذائي الحاد على مستويات أزمة أو أكثر من تحليل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في عام 2021، وهذا يمثل زيادة بحوالي 40 مليون شخص مقارنة بالعدد القياسي بالفعل لعام 2020.
وبين التقرير أن النزاعات هي السبب الرئيس الذي دفع بـ 139 مليون شخص في 24 دولة ومنطقة باتجاه انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهو ارتفاع من حوالي 99 مليون شخص في 23 دولة ومنطقة في 2020، وكذلك الظواهر الجوية المتطرفة (أكثر من 23 مليون شخص في ثماني دول ومناطق، وهو ارتفاع من 15.7 مليون شخص في 15 بلداً ومنطقة، والصدمات الاقتصادية (أكثر من 30 مليون شخص في 21 دولة ومنطقة، وهو انخفاض من 40 مليون شخص في 17 بلداً ومنطقة في 2020 بسبب تداعيات «كوفيد-19» بشكل رئيسي.
ووجد التقرير أن الحرب كشفت بالفعل عن الطبيعة المترابطة بين أنظمة الغذاء العالمية وهشاشتها، والعواقب الوخيمة على الأمن الغذائي والتغذوي العالمي.
الإنتاج والأسعار
ارتفعت أسعار القمح بنحو 60% منذ شباط الماضي، في حين ارتفعت أسعار الزيوت النباتية بنسبة 40%، وارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى معدلات قياسية، ثم جاءت أحداث أوكرانيا فارتفعت الأسعار مرة أخرى بنسبة 12%، ما يجعل الأزمة الغذائية الحالية أقوى من الأزمتين الغذائيتين في 2008 و2011، وفق المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي.
وفي السياق، قال برنامج الأغذية العالمي: إن أسعار المواد الغذائية كانت ترتفع بشكل حاد قبل الأزمة الأوكرانية، لكن تأثير الحرب على سلاسل الإمداد العالمية للغذاء والوقود والأسمدة أدى إلى زيادة التكاليف بشكل أكبر.
كما أدت العمليات العسكرية في أوكرانيا والعقوبات واسعة النطاق المفروضة على روسيا من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى الإخلال بإمدادات الحبوب، ما يزيد من مخاطر حدوث أزمة غذائية في العديد من دول العالم. ومنذ بداية العام، ارتفعت أسعار القمح والذرة بنسبة 30%، إذ يعوق القتال التجارة الحرة ويعطل عمليات الإنتاج الأساسية وفي هذا الصدد، أوصت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بأن تجد البلدان التي تعتمد على الإمدادات الغذائية من روسيا وأوكرانيا موردين بديلين، إضافة إلى تنويع إنتاجها.
ويوم أمس ارتفعت العقود الآجلة للقمح في بورصة شيكاغو بنحو 50% منذ بداية عام 2022 ، علماً أنه على مستوى الإنتاج العالمي تعد الصين أكثر منتج للقمح في العالم، بحجم إنتاج يبلغ 134 مليون طن سنوياً، تليها الهند بإنتاج يبلغ 108 ملايين طن، ثم روسيا بحجم يبلغ 85 مليون طن، وأميركا بكمية تبلغ 50 مليون طن، وكندا بحجم إنتاج يبلغ 35 مليون طن، ثم أستراليا بحجم إنتاج يبلغ 33 مليون طن، وباكستان بكمية تبلغ 26 مليون طن، وأوكرانيا بحجم يبلغ 25 مليون طن.
أما أكبر مصدري القمح الكبار عالمياً تأتي روسيا أولاً بحجم صادرات 37.3 مليون طن سنوياً، يليها الاتحاد الأوروبي بحجم صادرات يبلغ أكثر من 30 مليون طن سنوياً، ثم كندا بحجم صادرات يبلغ 26.1 مليون طن، ثم أستراليا بحجم صادرات يبلغ 24.5 مليون طن، وأميركا بما يزيد بقليل على 20 مليون طن، والأرجنتين بحجم صادرات يبلغ 14.5 مليون طن، ثم أوكرانيا بما يزيد على 10 ملايين طن.
وعند الحديث عن أكبر مستوردي القمح في العالم تعد مصر أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم بحجم واردات يبلغ 12.1 مليون طن سنويا، تليها إندونيسيا بحجم يبلغ 10.4 ملايين طن، والجزائر بحجم يبلغ 7.7 ملايين طن، وبنغلاديش بحجم يبلغ 7.2 ملايين طن. تحذيرات عالمية
قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنتونيو غوتيريش، في إشارة إلى الأزمة الأوكرانية، إن أصداء الأزمة تجلجل في أنحاء العالم حيث يمكن أن يتسبب ارتفاع أسعار الأغذية والطاقة والأسمدة في مجاعة عالمية.
وكان برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة قد أعلن أن عام 2022 سيشهد مجاعة كارثية تصيب 44 مليون شخص في 38 بلداً.

الوضع عربياً
تستحوذ الدول العربية إجمالاً على 25% من صادرات القمح العالمية، وكانت تستورد 60% من إجمالي احتياجاتها من روسيا وأوكرانيا، نظراً للأسعار المنخفضة في البلدين، وأصبحت هذه الدول تعاني الآن من قفزة قاسية في أسعار القمح بلغت نسبتها 50% خلال العام الجاري، وما يفاقم هذه الأزمة أن حجم الفجوة العربية في منظومة القمح تبلغ نحو50 مليون طن سنوياً.
كما صار سعر القمح هذه الأيام بالدول العربية المستوردة يعادل ضعف التقديرات الواردة في موازنات هذه الدول وتشهد أسعار القمح في بورصة شيكاغو تقلبات بفعل المخاوف بشأن الإمدادات عالمياً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار