التبعات يتكبدها المواطن
بين الحين والآخر يتم رفع أسعار بعض المواد المدعومة تماشياً مع تكاليفها، لكن من دون توفيرها بالقدر الكافي ما يتسبب بتفاقم سعرها في السوق السوداء.
والأمثلة حدث ولا حرج، فإذا نظرنا لرفع سعر مادة الأسمنت الأخير بمسوغ مجاراة تكاليف إنتاجها، يلاحظ أن ذلك لم يترافق مع حل مشكلة عدم توفر المادة بالسعر النظامي الجديد بل على العكس فاقم من سعرها في السوق السوداء، وتالياً ما يحدّ من الحركة العمرانية ويعزز ركودها وخاصة لأغراض السكن.
أيضاً رفع سعر المقنن العلفي ولمعظم المواد منذ عدة أيام من ذرة صفراء وكسبة فول الصويا والشعير، لم يترافق بخطوات في سبيل توفير المادة لقطيع الثروة الحيوانية، بل إن الكمية المخصصة من ذلك المقنن والتي لا تصل بحدودها القصوى إلى نصف الاحتياج الفعلي لم يوزع منها خلال الدورات العلفية الجارية حالياً سوى الربع لعدم توفر المواد، وتالياً فإن رفع سعر المادة لم يسهم بحل المشكلة القائمة بل فاقم من أسعار المواد العلفية في السوق الخاص، وعكس ارتفاعاً بأسعار المنتجات الحيوانية من لحوم وحليب وألبان وأجبان وبيض، وبذلك تحمَّل المستهلك التبعات.
وإذا عدنا للوراء وتطرقنا لرفع أسعار المحروقات على اختلافها، فإن المنعكس أشبه بواقع المواد آنفة الذكر، حيث بقي عدم توفر المحروقات بالقدر الذي يغطي الاحتياج الفعلي سيد الموقف، وطرأت ارتفاعات كبيرة بأسعارها في السوق السوداء، وتالياً ارتفاع كل ما يرتبط بها وتكبد المواطن (المعثر) التبعات، ولا شك في أن أي ارتفاعات قد تحدث في أي وقت لاحق على صعيدها ستترتب عليها المنعكسات نفسها.
المفارقة التي يتكرر طرحها تتمثل بالسؤال : كيف لا تتوافر المواد المدعومة بالسعر النظامي لتغطي الاحتياجات الفعلية في حين تتواجد وبأي كميات مطلوبة في السوق السوداء؟ .. ولا شك في أن الإجابة أصبحت لا تحتاج كثيراً من العناء حتى نجدها، فالأمر ناتج عن حالات خلل وتلاعب ومتاجرة مفضوحة بالمواد المدعومة.
المأمول حيال ما سبق ضرورة توفير المواد المدعومة بالكميات الكافية قبل العزم على رفع أسعارها، والعمل الجاد على محاصرة ومحاربة الإتجار بها والتضييق على السوق السوداء، وقبل هذا وذاك ينبغي استدراك منعكسات رفع أسعار تلك المواد على حياة معدومي الدخل وإقرار الزيادات التي تعوضها في رواتبهم ومعاشاتهم التي لم تعد تحتمل مزيداً من التآكل.