السياحة وأفقها في القادمات..

الدكتور سنان علي ديب

ليس مستغرباً ما أصاب السياحة السورية من جفاف في قسمها الخارجي نتيجة الحرب القذرة وحملات التضليل والتشويه المقصود وعرقلات سيثبت المستقبل تقصّدها من قاصري عقول ومتّتبعي أوهام ممن تمرّسوا وتمترسوا في الخناق والعقوبات الاقتصادية والتدمير الإنتاجي الممنهج والمنظم، وخاصة لما كان لهذا القطاع من عائدات متشابكة ومتوالدة، سواء من القطع الأجنبي أو القطع المحلي عبر السياحة الداخلية والتي يمكن أخذها باعتبارها إعادة توزيع جزء من الناتج المحلي وبالتالي كانت عوائد هذا القطاع كبيرة، بالرغم من اعتباره قطاعاً ريعياً، وهشّاً أحياناً عبر تعلقه بالحالة الأمنية، مضافاً إليها ما حبانا الله به من مزايا متعددة متكاملة متناغمة لتكتمل من خلالها مقومات السياحة، إضافة لبنى ومنشآت متميزة متوزعة، وإن كانت بشكل غير متوازن أو متساوٍ مع المزايا التي يمكن استثمارها.

وكذلك وإن كان هناك قصور في الاستثمار الصحيح والبناء لكل المزايا السورية أسوة بدول محيطة كانت عوائدها أضعافاً مضاعفة لما جنيناه قبل الحرب، وإن كانت السياحة قبل الحرب رافدة بقوة للناتج المحلي وفق أرقام وصلت إلى تسعة مليارات دولار سنوياً.

المهم المزايا لا تولد خدمة متميزة من دون تكاملها مع كوادر مدربة متميزة وخدمات مستمرة.

من المؤكد لا ينقصنا جمال الطبيعة، سواحل تمتزج بالجبال والغابات، غابات خضراء منتشرة مع طقس متنوع، وكذلك ميزتنا حضارتنا بمواقع أثرية وأضعافها دينية وغيرها من المواقع الجاذبة وأغلبها في مناطق آمنة وبعيدة عن الضجيج، وحتى التضخم الكبير تأثيره على السياحة الداخلية وعلى فئة محدودي الدخل ولو ارتفعت الأجور لأرقام فلكية ولكنها مقارنة بالدول المحيطة وبأجورها تبدو رخيصة وأرخص للسياح الأجانب، ولكنها بحاجة لجهود وترتيبات وبحاجة للدعاية والإعلان والترويج، وأن تتكامل مع غيرها من الخدمات لتعود السياحة مولِّدة للنمو والتنمية عبر خدماتها وخدمات متشابكة ومتعلقة بها، وبالتالي يمكن أن تعود لهذا القطاع تسمية صناعة السياحة ولكن ذلك بحاجة إلى جهود إضافية وتسخير الإعلام والإعلان وتغيير العقلية ومراعاة المناطق السياحية بتوفير الكهرباء والوقود عبر التخطيط والعمل كخليّة نحل، والنشاط وفق برنامج واضح ومتابع، وخدمات مراقبة ومحاسبة وتصحيح.

وهذه الجهود هي حاجة ومطلب وطريق مميز للتعافي، ولكن ضمن سياسات نقدية ومالية تحقّق الغايات ومنها دراسة أسعار الصرف ضمن هذا الخيار، وبالتالي لا تقتصر الخيارات على السياحة الخارجية، ولكن حتى الداخلية والأسعار وتنويع الخيارات لتحقق العدالة والمساواة وإمكانية تلبية رغبات أغلب الشرائح والطبقات.

جاء العفو مطلباً وطنياً للسير في الخيارات الوطنية مع انتظار المتابعة والمراقبة لعرقلة نوايا من لا يريدون الحل والذين ينتظرون الإشارات من مشغليهم وممن ثابر على عرقلة أي حلٍّ سوري وعلى تدمير البشر قبل الحجر، وقد تزامن مع تفاؤل كبير وعمل وترقب لجوٍّ من النقاش القاضي إلى حلول متكاملة وطنية بمختلف النواحي، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، في ظل الوصول إلى صفر مشكلات وفساد، وإلى تطبيق القانون على الجميع، وهذا الخيار بحاجة إلى جهود عقلاء وطنيين أبعد ما يكونون عن الأنا والإقصاء والتهميش والتبعية إلّا للوطن ولسوريتنا ويؤمنون بوحدة وحقوق كل ألوان النسيج السوري.

فهل نشاهد خلايا نحل وطنية للتعافي العام ولنشاط واعٍ بنّاء لاستثمار كل أدوات التمايز السوري، ومنها السياحة وننسى السواد المعولم الناجم عن قصور عقلي وذهني ووطني؟.

بالانتظار ولن يطول..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار