حصاد الفقر!!
لطالما عرفت سورية كبلد زراعي ينتج كل أنواع المحاصيل الزراعية, ولكن حتى ما قبل الأزمة كان هذا القطاع يعاني جملة من المشاكل, قد تبدأ بالفرز والتوضيب والتغليف وغلاء أجور النقل واليد العاملة, واستخدام تقنيات الري الحديث, وعدم القدرة على مواكبة الإنتاج بالتصنيع وغيرها, فكيف الحال الآن في ظل صعوبة تأمين المياه وصولاً إلى التقنين الجائر للكهرباء.
سنوات الحرب أدت إلى خسائر لا تحصى بالقطاع الزراعي, منها تدمير قنوات الري وارتفاع تكلفة الوقود أو عدم تأمينه, وحتى تضاؤل الأراضي المستثمرة زراعياً, والنتيجة ترك المزارع لأرضه ما أدى إلى نتائج لا تحمد عقباها!! فكان الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية والمحاصيل كلها, وتالياً تضاؤل قدرة المواطن على الشراء وحدوث خسائر مضاعفة على المزارع قبل المستهلك.
في طبيعة الحال الزراعة لن تتعافى بالأمنيات ولا حتى باجتماعات تنتهي بوعود على الورق, فالملف الزراعي حتى الآن لم تنضج ثماره, ومن الأمور العاجلة التي ينبغي العمل عليها تأمين حاجة الاستهلاك المحلي بشقيه الحيواني والنباتي, وقد تكون البداية بتمكين ودعم الأسر الريفية لتحسين فرص العيش والإنتاج, وتنظيم استثمار الموارد من خلال العمل التشاركي والعمل مع المجتمع المحلي, ثم وهنا بيت القصيد معالجة المشاكل والمعوقات التي تحدُّ من نمو القطاع الزراعي والاستعانة بكل الخبرات الفنية والزراعية, والسعي لتطوير السياسات الزراعية, والعمل على تطويق ارتفاع تكاليف الإنتاج بدءاً من الأسمدة والمبيدات والبذور وصولاً إلى تأمين المحروقات بأسعار مناسبة.
باختصار؛ القفز فوق المشاكل وعدم الاعتراف بالصعوبات يفاقم أزمتنا الزراعية ويزيد من هموم وأعباء الناس التي تعجز أحياناً عن شراء بضع حبات من الخضراوات, وحتى يكون الحصاد وفيراً وخيّراً ينبغي الخروج من إطار الخطط والاجتماعات إلى التنفيذ ووضع الحلول, وإلّا فلن نحصد إلا الفقر!!.