في كنف الدولة, و تحت رعايتها، هذا هو المكان الطبيعي لأبناء الوطن, فهي الأم الرؤوم التي تصفح عن أبنائها وتحتضنهم في السّراء والضرّاء.
من هذا المنطلق وهذه الرؤية يأتي المرسوم الذي أصدره السيد الرئيس مؤخراً بمنح عفو عام عن عدد كبير من الجرائم , عدا التي تمس كرامات أو حياة مواطنين ولهم إزاءها حق شخصي , وهذا لم تفرط به من باب الحرص على حقوق أبنائها وصونها .
ولأنهم أبناؤها فإن المرسوم فرصة لمن شملهم العفو لأن يستعيدوا حياتهم الطبيعية في المجتمع ويساهموا في بناء بلدهم من خلال العمل والإنتاج, كل من موقعه, فسورية التي تحمّلت الكثير وعانت من الألم ما عانته على مدى سنوات طوال, ذلك الألم الذي تعجز عن تحمله دول كبيرة تستحق الكثير , وتعوّل على كل أبنائها في هذا الدور ليكونوا السند والأبناء البررة الأوفياء لها , لتستعيد عافيتها وتغدو أجمل وتنهض مجدداً كما طائر الفينيق من تحت الرماد . ذلك الطائر الذي نستمد منه الدروس في التحدي والتجدد والاندفاع نحو المستقبل بكل شموخ وكبرياء , ويبقى ماثلاً في الوجدان على مدى العصور والأزمان .
هكذا هي سورية دائماً كما عهِدها الجميع , كانت وستبقى متعالية على الألم ومتسامية فوق الجراح والمحن التي مرت عليها والنوائب التي تقاطرت عليها من كل حدب وصوب , لكنها بقيت شامخة , قوية بقيادتها وبشعبها وتكافل جميع أبنائها ليكونوا كالجسد الواحد الذي لا تضعفه أي قوة مهما كانت عاتية .