دقيق المقايضة

مع كل التأكيدات والحرص على إنتاج الخبز بموصفات جيدة، إلا أن الواقع في محافظة درعا ومنذ ثلاثة أشهر تقريباً بات يؤشر إلى تذبذب الجودة بين الجيد والسيئ، ما أثار جملة من الشكاوى واستدعى المطالبة بالوقوف على ما يحدث والمعالجة.
عند محاولة معرفة السبب الذي أدى لذلك تأتيك التلميحات همساً من بعض المعنيين أو أهل الكار بأن المشكلة تكمن بنوعية الدقيق، ولدى السؤال عن ماهية هذا الدقيق يتهرب الأغلبية من الإجابة أو يتذرع بعدم المعرفة، لكن بالتقصي تبين أنّ المشكلة تتجسد في الدقيق القادم من مطاحن محافظة حلب الخاصة وكذلك دقيق المقايضة الذي يتم استلامه من متعاقدين في المحافظة نفسها على مبدأ كل طن دقيق يسلمه المتعاقد يأخذ مقابله طنين اثنين من النخالة.
على ما يبدو أن هذا الأمر لا يحدث في كل المحافظات بل في بعضها من التي لا توجد فيها مطاحن عامة أو لا تستطيع مطاحنها بطاقتها الإنتاجية الحالية تغطية كامل احتياجاتها من الدقيق، وعلى سبيل المثال فإن مطحنة اليرموك في درعا لا تنتج سوى خُمس احتياج المحافظة تقريباً والبقية يأتي عبر آلية المقايضة أو من مطاحن حلب الخاصة كما أسلفنا، والقليل من درعا عبر وسطاء لدى المتعاقدين من حلب أنفسهم.
بالنتيجة، فإن معظم شحنات دقيق المقايضة تأتي رديئة جداً ولا يمكن استصلاحها ويتم رفض استلامها لعدم مطابقتها المواصفات المحددة، فيما بعضها يأتي بالحدّ الأدنى من اشتراطات السماح، وأحياناً يتبين أن شحناتها متلاعب بها، حيث تكون بالسطح مطابقة ومن الخلف والأسفل مخالفة بشكل يغش أحياناً الجهة المستلمة، وذلك لا يظهر إلا بعد التوزيع وإنتاج خبز سيئ.
جميعنا يعرف معضلة تأمين الدقيق من الخارج ضمن الظروف الراهنة، ولا بأس بأي إجراءات تفضي لتوفير أي كميات متاحة منه لكن بشرط أن تكون محققة للمواصفات، وهناك من يرى ضرورة إعادة النظر بعملية المقايضة لكون معظم كمياتها مخالفة أو بالحدود الدنيا من الجودة، مع أهمية تنويع مصادر الدقيق الوارد للمحافظة وعدم حصرها بحلب، علماً أن ضمان جودة الدقيق بالحدود المقبولة لا يسهم بتأمين خبز مناسب للبشر فقط.. بل ويحيد كميات كبيرة من التحول إلى العلف في ظل ظروف نحن أحوج ما نكون فيها إلى كل ذرة دقيق.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار