الإقناع سبيلٌ للإمتاع
ليس جديداً إشارتنا إلى أن المتعة لمشاهدي الدراما التلفزيونية تأتي من توافر مقومات فكرية وفنية جيدة، تسنى لها معالجة عميقة، فنسجت بشخصيات حُددت بيئتها، وبحوارات تناسب شريحتها الاقتصادية، بعد تعيين المكان الذي تجري فيه الأحداث، وكذلك الزمان، سواء ظل خيطياً كما أغلب المسلسلات، أو استخدمت تقنية الاسترجاع (الفلاش باك) بين حين وآخر، لكسر رتابة السرد البصري، وسير الأحداث، أو لتقديم خلفية شخصية ما أو أكثر. ويفترض منطق الدراما أن تكون الأحداث والأفعال التي تؤديها شخصيات المسلسل أو التي تواجهها، منطقية أيضاً تتواءم مع السياق العام للمسلسل، بمعنى أن تكون مقنعة للمشاهدين. لكن بعض المسلسلات يعجز كتّابها عن تحقيق تلك الشروط طوال الزمن الدرامي لأحداث مسلسلهم، فيأتي أي خلل فيه كضربة قاضية لملاكم ماهر ضد خصمه، وهذا ما فعله مثلاً، كاتب ومخرجة مسلسل ” كسر عضم” في شخصية الطالبة الجامعية ” يمنى /نور علي”، ما دفعنا كمشاهدين للقول أن تزرق “يمنى” بإبرة مخدر مضاعفة وتوضع في كيس خاص بالأموات، ثم تحفظ في ثلاجة حفظ الموتى، وبعد ذلك تدفن في إحدى المقابر، دون أي إشارة للزمن الذي استهلكته كل حالة ثم يخرجونها من القبر حيةً، هذا يعني أنك في مسلسل سوري بترخيص هندي.!! فهل يعقل أن يتم تنفيذ ذلك بعد ضرب كل الحقائق الطبية بعرض الحائط، مع أن حالة واحدة من التي مرت بها الشخصية كافية لتفقدها حياتها! .
وإن جئنا لتفصيل آخر من ملامح الشخصيات في المسلسل، نجد أن ” حكم الصياد/ فايز قزق” و” أبو مريم / كرم الشعراني” يتحدثان بملايين الدولارات كثروة لهما، وشاهدناهما في مكاتب فخمة أو بيوت واسعة وكبيرة وقصور هنا وهناك، وسيارات حديثة وكثيرة، لكن ماذا عن أول مظهر يدل على ثراء أي شخصية، ألا وهي الأزياء. فهل كانت أزياء “الحكم، وأبو مريم” بموازاة ثروتيهما في المسلسل؟. وليس المسؤول طبعاً عن هذا التقصير الفنان قزق أو الفنان الشعراني، بل المخرجة ” رشا شربتجي” وشركة الإنتاج، لأن أي ممثل غير قادر على تحقيق ذلك من ممتلكاته الخاصة، ويجب على الشركة بمطالبة من المخرجة تحقيق ذلك ليتوافر عنصر الإقناع بين ما يأتي في الحوار وما نشاهد في الصورة.