الدراما السورية.. من بطولة النجم إلى بطولة الفريق!

خلال السنوات الماضية، لم تشهد الدراما السورية صعود نجم أو أكثر كما درجت العادة قبل أكثر من عقد من الزمن، على العكس فإن النجوم الذين اشتهروا في المراحل السابقة، خف وهجهم لاحقاً وبعضهم لم يرضَ الجمهور عن أعمالهم الجديدة، وبعضهم الآخر لم يعد يحضر في الأعمال الدرامية كل موسم، أو صار انتقائياً في الاختيار ما جعله مقلاً في الأعمال.
بعض النجوم، حاولوا الحفاظ على ميزة بطولة النجم الواحد، وعمدوا إلى الطلب من كتاب السيناريو كتابة مسلسلات تناسب النمطية التي تورطوا بها مثل أصحاب المسلسلات العنفية أو مسلسلات الحارة الشامية، وكان لذلك دوره في حجب ميزة التنويع واستعراض مواهب النجم في أكثر من دور وضمن أكثر من كادر تمثيلي.
ماذا لو اجتمع النجوم السوريون كلهم في عمل درامي واحد؟ فكرة تبدو خرافية بعض الشيء، لكنها منطقية في ظل تحول الدراما من محورية النجم الواحد إلى النجوم المتقاسمين للبطولة، وربما في هذا الأمر يصبح توزيع الأدوار واستعراض المواهب أكثر عدالة من استئثار ممثل بمعظم مشاهد العمل. صحيح أن الدراما السورية شهدت في السنوات السابقة صعود مجموعة من النجمات، لكن للأسف لم يكنّ على مستوى الجيل السابق، فقد اختلف مفهوم النجومية وأصبح يراهن على الشكل الخارجي والاستعراض وليس على الموهبة الحقيقية لدى الممثلة أو الممثل.
جيل كامل من الشباب يحلم بدخول المعهد العالي للفنون المسرحية كي يصبح ممثلاً نجماً يشير إليه الناس بالبنان. لكن هذا الحلم يبدو سيأخذ تحولاً كبيراً خلال المراحل القادمة في ظل انكفاء التلفزيون أمام “السوشيال ميديا” وتلفزيون “اليوتيوب” وما يمكن أن تظهر من منصات باتت تعدد في الأدوات والأساليب وزمن الحلقات وطول المسلسل والمشاركين فيه.
بطولة الفريق، تبدو خياراً جيداً أمام فنون الدراما في المراحل القادمة، فبقدر ما تتعدد الأعمدة الحاملة للعمل الفني، بقدر ما نضمن استمرار الإنتاج فلا يبقى المسلسل قائماً على حضور شخص واحد مهما كانت مواهبه كبيرة، لكن مثالب النجم الواحد أكبر بكثير من إيجابياته، ولنا في الدراما المصرية خير مثال حيث شهدت مثل هذا الانتقال مبكراً، مثلما حالها اليوم في انخفاض عدد النجوم بمستوى عادل إمام وحسين فهمي ومحمود عبد العزيز مثلاً.
إنها البطولات الجماعية، وهي حاضرة في الأعمال السورية هذا الموسم عن قصد أم غير قصد، فالتطور التاريخي للأعمال الدرامية يفترض هذا الانعطاف وبالتالي فهو ليس قراراً مرتبطاً بشركات الإنتاج أو المخرجين فقط بل هو محصلة للطريق التطوري الذي تسير به الدراما بشكل عام.
يعتقد البعض أن الدراما ستنقلب جذرياً في السنوات القادمة تبعاً للتطور التكنولوجي الكبير والسرعة في العمل وعدم وجود الوقت الكافي لدى الجمهور لمشاهد ثلاثين حلقة تمتد كل واحدة ساعة كاملة من الزمن. ربما نشهد أفلاماً قصيرة سريعة لا ترتبط بالموسم الرمضاني وحسب، وربما ينخفض عدد الحلقات إلى أقل من النصف وتقتصر الحلقة على نصف ساعة كأطول وقت. وكل ذلك جزء من الانتقال الذي يلوح في أفق الدراما السورية التي تنتقل اليوم من بطولة الفرد إلى بطولة المجموع.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار