أكدت العملية البطولية التي نفذها الشهيد “رعد حازم” بشارع ديزنغوف في قلب مدينة “تل أبيب” المحتلة، مدى الفشل الذي تتسم به المنظومة الأمنية الإسرائيلية في مواجهة العمل الفلسطيني المقاوم، وذلك على النقيض من الادعاءات التي يروج لها الإعلام العبري.
ففي مدة لا تتجاوز شهراً ونصف الشهر، تمكن الفدائيون الفلسطينيون من تنفيذ نحو 11 عملية متتالية في قلب “دولة” الاحتلال، أدت إلى سقوط نحو 14 قتيلاً إسرائيلياً بالإضافة إلى مايزيد على 40 جريحاً.
وقد بدأت العمليات الفدائية بعملية طعن عند حاجز حزمة في القدس المحتلة بتاريخ 3 آذار ، ثم توالت العمليات وصولاً إلى عملية الشهيد رعد في الثامن من نيسان.. ليفتح ما سبق سيلاً من التحليلات حول احتمالية انطلاق انتفاضة فلسطينية مسلحة جديدة تعيد الأمور إلى نصابها، ليس في فلسطين وحسب إنما في الوطن العربي أجمع.
ومن المؤكد أن قيمة تلك العمليات البطولية لا تتمثل فقط في الخسائر المادية والبشرية التي تتمكن المقاومة من تحقيقها وبشكل مباشر، بل ثمة مكاسب أخرى لا يمكن التهوين منها بأي حال، نعيد التذكر ببعض منها:
1- زعزعة شعور الإسرائيليين بأمنهم الشخصي في كل بقعة من الأرض المحتلة، وقد أشارت وسائل الإعلام العبرية إلى أنّ المستوطنين، بالفعل، يشعرون بالذعر المفرط، ويصيب بعضهم الشك في احتمالية العودة إلى منازلهم سالمين في حال اضطروا إلى مغادرتها، ما يدفعهم للبقاء خلف أسوار منازلهم لأطول مدة ممكنة، وقد تبين ذلك في تقارير الهيئات الصحية الإسرائيلية التي سجلت ارتفاعاً في طلبات الحصول على مساعدة نفسية.
ويتبين لأي متابع للأوضاع داخل “إسرائيل” تكالب التجار وأصحاب الفنادق والمطاعم، على تعيين مزيد من حرّاس الأمن، من أجل الحفاظ على زبائنهم المرتعدين، ومنحهم شعوراً نسبياً بالطمأنينة.
2- تراجع النشاط التجاري داخل الأراضي المحتلة، نتيجة حالة الفزع والاضطراب التي تسيطر على المناخ العام، وقد أشارت الصحف الاقتصادية إلى هذا الشأن، وإلى تراجع نسبته 50% في الحركة التجارية في مدينة تل أبيب.
3-زيادة معدلات الهجرة العكسية، حيث ترجح الهيئات الإحصائية والبحثية الإسرائيلية أن يتزايد عدد السكان العرب إلى درجة تجعل التفوق الديمغرافي من نصيبهم، وذلك إذا استمرّ تأزّم الأوضاع الأمنية والسياسية مقترناً بغياب الأيديولوجية عن الشباب الإسرائيلي صغيري السن، وشعور كبار السن منهم بالإحباط منذ الانسحاب من لبنان ومن غزة، ما يؤدي إلى الاستمرار في زيادة معدلات الهجرة المعاكسة التي ارتفعت بنسبة 26% منذ العام 2013.
ولمواجهة ما سبق، تسعى “الحركة الصهيونية” التي تقدِّر أن 43% فقط من يهود العالم يقيمون في “إسرائيل” إلى تكثيف حملات الهجرة، لجذب نحو مئات الألوف من اليهود المقيمين في الأرجنتين وأميركا اللاتينية وجنوب إفريقيا وإثيوبيا والهند، لتوطينهم في فلسطين التاريخية.
4- تؤدي عمليات المقاومة إلى إعادة الاعتبار من جديد للقضية الفلسطينية، وتدفع بها إلى الصدارة، وتستحث الناس على تتبع أخبارها، وحسب الإحصاءات الإعلامية العربية، فإن نسبة الاهتمام الشعبي بأخبار فلسطين تتضاعف 4 مرات، في ظروف الانتفاضة وعند وجود عمليات قتالية داخل الأراضي المحتلة.
5- تعد العمليات الفدائية الفلسطينية أفضل ترياق مضاد لهرولة بعض المؤسسات والحكومات العربية نحو التطبيع مع العدو الإسرائيلي، فقد دأب أنصار التطبيع على الادعاء بأن “الاحتلال بات أمراً واقعاً، وليس من سبيل لمقارعته، وأن الحل هو بقبوله وتطبيع العلاقات معه”، إلا أن المقاومة الفلسطينية، وبالأخص هذا النوع الذي ينفذه شباب لا ينتمون إلى تنظيمات وهياكل سياسية، تعود لتؤكد حيوية القضية وأنه يمكن إنجاز النصر وتحرير الأرض، عند امتلاك الإرادة والتخطيط السليم ورؤية الخصم على حقيقته بلا تهويل ولا تهوين.
6-إن القضية الفلسطينية، هي قضية كل أمة تعاني الاضطهاد والسرقة والتخلف، كما أنها قضية كل فرد يعاني في حياته الخاصة التعسفَ والقهرَ وسلبَ الحقوق، وبالتالي فإن النصر الفلسطيني هو نصر قيمي قبل كل شيء، كما أن المقاومة بمعناها الواسع والشامل هي مصدر لا ينضب للإلهام، والأمر لا يقتصر على الوطن العربي وحده بل يمتد إلى كل بقعة حول العالم، كما أنه لا ينحصر على المساحة السياسية بل يشمل كل نواحي الحياة (الاجتماعية، الاقتصادية.. إلخ)، فحيثما يوجد ظلم توجد مقاومة وتوجد فلسطين.
كاتب من مصر
قد يعجبك ايضا