كلما تم الإعلان عن عطلة ما، يتخربط كياني، وتصيبني حالة نفسية غريبة عجيبة، لإدراكي التام بأنها ستجلب معها التعب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وذلك لأنني مضطر للتحايل على الوقت مع ولديّ، فمرَّة أُصبح راوياً لسرديَّات محوَّرة عن الروايات والقصص العالمية بنكهة محلية، تجعل من «السندريلا» بنت خالتي، ومن «كسَّارة البندق» قطعة معدنية عُثِرَ عليها في باب توما، ومن «علي بابا» أحد تُجَّار السوق السوداء،… وفي مرَّات أخرى أصبح مخرجاً مسرحياً، أُحيلُ «روميو» إلى بائع بطاطا و«جولييت» إحدى زبائنه، وأجعل من «غودو» كائناً أسطورياً ينظر إلى «فلاديمير» و«استراجون» بسخرية مريرة، كما أُصوِّر نفسي بأنني «جثة على الرصيف» محاولاً الهروب من الوقت الذي لا ينتهي مع طاقة ولديّ الهائلة، والتي تضطرني في مرة ثالثة لأن أصبح مُقدِّم برنامج مسابقات، مع احتمالات لا تنتهي من أسئلة عن الفيزياء واللغة العربية والرياضيات والفنون وغيرها من المعلومات العامة المُبسَّطة، ومن إحدى تلك المعلومات أنطلق لأصير مُطرباً أحياناً، أو رسَّاماً أمزج الألوان وأحرك الريشة على الورق الأبيض، مُقنعاً ولديّ بجمالياتٍ ومُتَعٍ ما أنزل الله بها من سلطان، ضمن مخاتلة جديدة لقتل الوقت، الذي لا يكف عن جعلي غير ما أنا عليه، إذ أصبح أحياناً دليلاً سياحياً في مشاويرنا إلى بساتين الزيتون القريبة من بيتنا، وهناك أتحوَّل إلى معلِّق رياضي وحَكَم في مباراة كرة القدم المرتجلة، أو في سباق المسافات القصيرة، القادرة على صرف القليل من طاقة ولديّ، وفي الوقت ذاته مدّ أجسامهم ببعض الدفء. والحقيقة أنني في أيام العُطل لا أرتاح أبداً، وأستنفد كل طاقاتي التمثيلية والتخييلية والابتكارية، وأشعر بإرهاق من يعمل في حفر بئر بمعول بسيط، بحيث أنام حالما أضع رأسي على المخدة، مهدود الحيل كرجلٍ هدهده أبناؤه هذه المرة في عطلةٍ لا تنتهي.