تعيش أوروبا شعوباً وحكومات “الخيبة” تجاه الممارسات الأمريكية، أما أوكرانيا فتعيش الكارثة بسبب خبث السياسة الأمريكية، وحالهم يقول لأمريكا: (وصلتينا لنص البير وقطعتي الحبلة فينا)،ألم تحرّض الإدارة الأمريكية الحكومة الأوكرانية للتصعيد تجاه روسيا، ولزيادة الضغط العسكري على دونباس؟ ألم تدفع واشنطن كييف إلى نصب الرادارات التي تخترق الأمن القومي الروسي وتهدده، ألم تراكم أمريكا الأسلحة النووية التكتيكية في أوكرانيا استعداداً لاستهداف دونباس وربما روسيا؟ وعندما ردت روسيا و استبقت كل هذه المخاطر، اكتفى البيت الأبيض بالعقوبات والإدانات السياسية، وكلها لا تؤثر في التحرك الروسي، ولا توقفه، ولا تقي أوكرانيا من العقاب الروسي تجاهها.. ألم يعتبر الرئيس الأوكراني أن ترك الغرب لبلاده وحيدة هو (عار) سيلبسه تاريخهم.
وفي مؤتمرها الصحفي مع الرئيس البولندي في الأسبوع الماضي، قالت نائبة الرئيس الأمريكي- كاميلا هاريس: إن (الصديق عند الضيق) بينما كلام الرئيس البولندي، ورغم دبلوماسيته، كان مفعماً بـ(الخيبة) ومشحوناً بالعتب والاتهام لأمريكا؛ أنها تركتهم وحدهم و(قطعت الحبلة فيهم وهم بنص البير)، وهذا ما يجعل المعنى الحقيقي لكلام هارس أن أمريكا تعمل وفق مبدأ: (الضيق لكل صديق) وخاصة أن واشنطن دفعت أوروبا وراء أوكرانيا إلى الصدام مع روسيا، وعندما اشتعلت بلادهم تركتهم وحدهم واكتفت ببعض الزيارات و التصريحات والاجتماعات والعقوبات التي لا تقدم ولا تؤخر في مجرى الصراع العسكري.. أمريكا وضعت أصدقاءها في الضيق القاتل خدمة لمصالحها وتركتهم وحدهم.
(الخبث الاستراتيجي) الأمريكي هو ما أشعل أوروبا ودفع شعوبها إلى أزمة الطاقة والمواد الغذائية، ووضعها في صراع سيعوق تطورها.. هذه ألمانيا التي كانت تصعد بقوة إلى مصاف الدول العظمى تنبلي بأزمة الطاقة و أزمة أمن، وأزمة ارتفاع أسعار، وكله معوّق للارتقاء فيها، وإذا كانت هذه حال ألمانيا، فإن أحوال الدول الأوروبية الأخرى أكثر سوءاً. ألم نقل إنه الخبث الأمريكي، وهو خبث لأنه يضحي فيه بحلفائه و يدفعهم إلى مخاطر تستفيد هي منها ولو على حساب أمنهم واستقرارهم.
في تعليقه على ما يجري في أوكرانيا قال وزير الخارجية المصري السابق والخبير بالسياسة الأمريكية نبيل فهمي: “إن من يتغطى بأمريكا يبيتُ عريانا”.