الحرب بالاقتصاد وللاقتصاد..

إن ما توحيه الردود الفعلية الارادية وغير الارادية للحرب الروسية الأوكرانية يكمن بطول الفترة المتأثرة بها وعمقها وبأولويات أطراف الحرب بالأصالة والوكالة ولكن الانعكاسات تجاوزتها باتجاهات متعددة فكرية ثقافية سياسية أخلاقية، وبرغم تصدر الفوبيا الإعلامية بتضليلها المعهود بما يتماهى مع ما حصل لدينا و متزامنة بفوبيا أو غزارة في السلوكيات الاقتصادية انعكاساً لمحاولة زخ أمواج من العقوبات على الأشخاص وعلى الشركات بحيث تعطي للمتلقي توهمات بشل الدولة الروسية وتحويلها لدولة فاشلة وإرهابها اقتصادياً مع حذر كبير بالسير بعيداً في قطاع الطاقة والذي سارعت الولايات المتحدة لفرضه على روسيا، ولكن لم تتجرأ أوروبا بمماهاتها وذلك لآثره الكبير بخنقها وتفشيلها وهو ما تسعى له الولايات المتحدة من تشعيلها وصب الزيت على النار وهي تتصدر برغم حداثة نشوئها دول العالم بغزو البلدان والتدخل بشؤونها وتدمير بناها وقتل سكانها.
وليس ببعيد ما حصل بسورية والعراق ويوغسلافيا وأفغانستان وليبيا ولبنان والفيتنام وأغلبية دول أمريكا غير آبهة بقانون دول أو بحقوق إنسان أو بديمقراطية هي من أكثر الدول محاربة لها.
قد تكتب مئات الدراسات حول هذه المعركة الأخيرة والتي عرت كثراً سواء بجهل بنيوي لمقاربات بعيدة عن الواقع وعن المصلحة الوطنية، وتالياً الفردية أو لقطيع فارغ تابع مأجور كان البواق للحداثة والليبرالية وللتألق الأمريكي وللحضارة الأوروبية والتي تعرت وانكشفت بعنصريتها وفوقيتها ولا إنسانيتها بتصريحات مرعبة .
وتالياً نستطيع التلميح لنقاط هامة منعكسة وقد تكون آنية وممكن أن تتعمق ليبزغ فجر عالمي جديد منضبط مزعزع لإيديولجية الفوضى البناءة، وهي توجه السلوكيات المتتالية للولايات المتحدة.
وبرغم ارتفاع سعر الوقود وانعكاساته في الداخل الأمريكي لم نجد ردود أفعال أو مبالاة للأمريكيين، إذ عملت حكومتهم على استخدام أجزاء من المخزون الاستراتيجي عدة مرات بما يوحي أنها واثقة من نتائج ونهاية توقيت هذه المعركة ولن تقبل بتمددها وإنما تريد انعكاساتها وهنا مكمن الخطورة إن لم تخرج الخيوط عن سيطرتها بفعل الأرض والواقع.
ما يلفت النظر تسرع دول الاتحاد الأوروبي للتهديد والوعيد وقبولها أداة لحرب بالوكالة، ومن ورائهم الولايات المتحدة مع تردد بمواقف دول كثيرة ريثما تتضح بوصلة مسار المعارك وحجم التحشيد اللاحق، وأهمها دول الطاقة ما بين منتج ومسوق وجغرافية عبور.
اللافت عودة سلوكيات كانت خطاً أحمر مدمراً في ظل تفرد التوحش الرأسمالي في سياق تتالي الأمركة ما بعد العولمة ومنها استبدال الدولار بالين و الروبل في إيفاء ديون أو تعاملات بينية أو أوسع.
فهل سيعود الصراع مجدداً بين منظومات كاملة قيمية أخلاقية إنسانية؟
هل ستعود للهويات الوطنية مكانتها وتعمل الدول على تكريس ثقافات وطنية مساعدة لحل مشاكلها الداخلية والتي أغلب أدواتها تابعة ومبرمجة لأمركة متوحشة و لرأسمال تابع؟.
الانعكاسات لهذا الصراع كبيرة وخاصة في المجال الاقتصادي ولم تخجل العقلية المتوحشة من إعلانه عبر العقوبات والتصريحات والتلميحات وعبر ما يضمر لما هو متأمل وكلنا يعرف أن استيعاب الصدمة هو الأهم والأقوم والأجدر لما يليه من أجل الاستنفار لوضع البدائل لمسكنات ومخففات ريثما تتضح الرؤى لحلول استراتيجية تعتمد صوابيتها على التكتيك الحالي.
ولدول كثيرة عانت ما عانت قد تكون نافعة في ظل السياسة العالمية السابقة وتغيراتها فهل ينفع مقولة (رب ضارة نافعة) لحالنا؟
العمل بهذا التوقيت بحاجة لأدوات ذات صفات محددة وذات كفاءات معينة وفق بوصلة واضحة الوطن والحفاظ عليه والتكامل لتعافيه..
ما بعد هذا الصراع ليس كما قبله … ورب ضارة نافعة و توسع الخيارات هبة ربانية..
الأمل كبير بما يخصنا ويخص الإنسانية آن الأوان لتعرية مدعي الديمقراطيات والحرية وحقوق الإنسان..
الاتكال على دوافع الإنسانية أساس التفاؤل بمعزل عن التفكير الضيق وثقافات القطيع والعقول السوداء والقلوب الحاقدة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار