أسواق موحشة
إن انفلات الأسعار في الفترة الأخيرة لا يتصوره عقل، فقد باتت ككرة الثلج تتدحرج متضخمةً وبتسارع كبير من دون أي توقف، ولا أحد يعلم إلى متى ستستمر وأين مستقرها؟
من خلال رصد واقع الأسواق يلاحظ أن معظم المواد الأساسية من سمون وزيوت وأرز وعدس وبرغل وسكر وشاي وغيرها قد استعر لهيب أسعارها وبنسب لم يتوقعها أحد، ولا تزال في تصاعد اليوم، الأمر الذي أصاب المواطنين- بفعل ما يدور من أحاديث في الشارع عن أن الارتفاعات ستستمر وتشمل كل المواد- بحمى الشراء، وخاصةً من المواد التي تلزم شهر رمضان القادم.
إن ما يحصل يشعر المرء وكأن الأسواق في كوكب آخر لا تعنيها أو تُلزمها أيٌّ من معايير أو ضوابط الأرض، حيث يلاحظ أن معظم القائمين عليها قد تغولوا وأصبحوا يلتهمون كل ما في جيوب الفقراء الضعفاء من دون أن تأخذهم بهم رحمةً أو شفقة.
لكن إذا تساءلنا: كيف وصلت الأسواق إلى حالة الانفلات المتوحش هذه؟ فإن الإجابة باتت من المسلمات المترسخة لدى عامة الناس والتي تتمثل بأن ذلك ناجم عن اللامبالاة المطلقة لدى التجار تجاه أي تبعات من جراء جشعهم وفحش أسعارهم والتمادي باحتكارهم، وذلك في ظل عجز الرقابة عن ردعهم والتهاون بتطبيق القوانين النافذة، حيث لم يتم إلى هذه اللحظة التفعيل المطلوب لعقوبة السجن ويكتفى في معظم الحالات بالغرامة المالية التي تعد مهما كبرت باهتة قياساً بالأرباح الطائلة التي يحصدها هوامير الأسواق بفعل استغلالهم وجشعهم.
إن حالة الاستسلام لواقع الأسواق المنفلتة لا يعقل أن تستمر على هذا المنوال، وينبغي الضرب بيد من حديد لكل من يتلاعب بلقمة الفقراء ضمن الظروف المعيشية الصعبة التي نمر بها، وتطبيق أشدّ العقوبات ومن دون أي هوادة، لعلّ ذلك يسهم إلى حدٍّ ما في لجم جموح الأسواق المتوحشة قبل أن تُجهز بالكامل على فقراء بلدنا الصامدين الصابرين.
وفي المقابل ينبغي الإسراع بملء رفوف صالات المؤسسة السورية للتجارة بالمواد التموينية الأساسية ذات الأسعار المنافسة بدلاً من الهواء كما هي الآن، وذلك لكسر الاحتكار والإسهام باستقرار وتوازن الأسواق وخاصة قبل قدوم شهر رمضان المبارك.