في غفلة عن زوجتي، تسلل صرصور من شرفة المنزل إلى البيت، ولحسن الحظ فقد رأيته قبل أن يتغلغل في الزوايا والزواريب وأجهزتُ عليه بضربة واحدة قبل أن يراه أحد من أهل البيت، وإلا لكانت الأصوات قد ملأت المكان، وتدخل الجيران لمعرفة الكارثة التي حلت علينا.
غريب أمر النساء من كرههن للصرصور وخوفهن منه، ترتجف المرأة من «قحفة» رأسها حتى أخمص قدميها وهي تصرخ ؛ المرأة النحيفة، والسمينة والطويلة والقصيرة، السمراء والبيضاء والحنطية، جميعهن يصرخن ويرتجفن عندما يشاهدن الصرصور وكأنه كائن قادر على ابتلاع كل هؤلاء النسوة دفعة واحدة أو بالتقسيط، أي إذا ما استفرد بكل واحدة منهن .
أعتقد أن ذلك ليس خوفاً، بقدر ما هو ناجم عن سمعة الصرصور السيئة التي ارتبطت تاريخياً بالقذارة والوساخة فهو يتشكل في البلاليع ويخرج منها وهذا يعني أن خوف النسوة منه مرتبط بتلك السمعة التي قد يعكسنها على نظافة ربة المنزل.
في بعض دول آسيا، وآسيا الوسطى يقيم الأهالي مزارع خاصة لإنتاج الصراصير ويعدّ في بعض البلدان وجبة دسمة، خاصة إذا ما قُليت بالزيت وتم تحميرها لتؤكل «مقرمشة» ، والغريب أن أغلبية من يقوم بهذه الأعمال هم من النساء الأقل طولاً و وزناً.. الأكثر نعومة ونحافة من النساء عندنا اللواتي يخفن من الصراصير.
قد يتساءل البعض، ربما ما تقوم به بعض الشعوب الآسيوية من تربية الصراصير وأهلها ناتج عن الجوع وقلة الموارد في هذه الدول لذلك فهي تلجأ إلى أكل الجراد مثلاً بذات الطريقة «قرمشة. «
كانت جدتي- رحمها الله التي عاشت سنوات الجوع- تحدثنا عن آلام وأوجاع تلك الأيام .. وصفت لنا حالات لا يمكن تخيلها، المهم أننا تجاوزنا تلك الأيام وعشنا بنعيم لا يمكن نسيانه، والمهم إذا ما عدنا إلى «وجبة » الصراصير.. قد نجربها «مسلوقة» بسبب ارتفاع أسعار الزيت لنتجاوز بذلك إخواننا في آسيا الذين لم يجربوها إلا مقلية !.