استيقظت على هديل يمامةٍ استوطنت شُبَّاكي، وما إن فتحت عيني حتى لمحت من خلف الستائر نوراً أدفأ قلبي. استبشرت خيراً ببداية هذا اليوم، وكأنني استعدت شيئاً من روحي، ولاسيما أنني في أيام البرد أدخل في سُبات لا تخرجني منه إلا ملامح شباط الصيفية، بكل ما تحمله من عطف وحنان ولطف وسلام مهما “شَبَّط ولبَّط” بحسب المثل الشعبي، ورغم أن اسمه جاء من كلمة “شَبْطْ” السريانية التي تفيد بالهبوب الشديد للرياح المشابه لضرب السياط، إلا أنه يحيلنا في الثقافة الرومانية إلى “فيبروس” إله النقاء، وهو شهر الشمس في اللغة الأنكلو-سكسونية، وشهر اللؤلؤ في الثقافة الفلندية، كما أنه شهر القرنفل في بلادنا.
شباط الحبيب سلس جداً، ويكاد يمرّ من دون أن نشعر به، فهو إضافة إلى قصر أيامه، فإنه نصيرُ مُحبّي الصيف، وبشيرُهم بـ«شمس شباط اللي بتعلِّم ع البلاط»، والتي افتقدوها في أشهر الشتاء، وخاصةً في «العاقل كانون» الذي يذهب ويأتي بعده «شباط المجنون»، وعلى جنونه فإنه بالنسبة لي على الأقل أفضل من برد كوانين، وصحيح أن هناك من يقول بأن «الصيت للمربعانية والفعل لشباط»، إلا أنني لا أصدق ذلك، ومستعد أن أخالف حتى المثل الناصح بأن «نمشي على غيم كانون وليس على غيم شباط» فقط لأن هذا الشهر ينبئني بوضوح الشموس القادمة، ويغريني بالدفء، لذا أنا مع القائلين بأن هذا الشهر «لطيف وظريف ودمّو خفيف»، فما أن تشعر ببدايته حتى ينتهي، مثله مثل كل شيء جميل في هذه الحياة، ونسيت أن أخبركم بأن اليمامة أوصتني بأن نحب بعضنا أكثر .