تراكُم خدمي
أصاب الشلل أعمال معظم الوحدات الإدارية نتيجة الظروف التي سادت على مدار سنوات الحرب، باستثناء القليل من الأعمال الخدمية الروتينية البسيطة وبمستويات متدنية.
ومن خلال جولة بسيطة بين الأحياء السكنية في أي من المدن والبلدات يلاحظ أن معظم طرقاتها أكلها الاهتراء وأصابها الخراب، وأصبح المرور عليها مضنياً ويعرّض السيارات العابرة لأعطال كثيرة تنهك أصحابها لدى إصلاحها، وخاصة في فصل الشتاء حيث تتحول الحفريات ضمنها إلى مصائد مجهولة العمق بسبب امتلائها بالمياه الموحلة.
كذلك تجد أن الأرصفة والأطاريف تصدعت في أجزاء كثيرة منها وتخربت في أخرى وامتلأت بالأتربة والأنقاض، حتى إن بعض أعمدة الإنارة انتزعت من أماكنها تاركةً خلفها تشظي القواعد بقطع حديدية أو براغي بارزة تتسبب بأذية المارّة وخاصة تلاميذ وطلاب المدارس، ولتفادي أذيتها وتجاوز الإشغالات التي تسيطر على كامل عرض الرصيف في بعض المواقع يضطر الكثيرون للسير في عرض الشوارع، ما يزيد من احتمال وقوع حوادث سير لا تحمد عقباها.
كما أن حال الصرف الصحي ليس بالأحسن، حيث تعاني شبكاته من انسدادات متكررة وطوفان مياهها الآسنة إلى المحيط السكني والطرقات متسببة بتلوث وأضرار بيئية لا تحتمل، وكذلك واقع النظافة ليس بالمستوى المطلوب وخاصة في الأرياف لتهالك الآليات ونقصها وقلة المحروقات مع التراجع الكبير بعدد العاملين.
إن ما يتم إلى الآن، بسبب ضعف الجباية وتضاؤل الاعتمادات، لا يتعدى مجرد صيانات إسعافية ترقيعية بشكل لا يبتر المنعكسات السلبية من جذورها، لتجدها تعود وتتكرر من جديد بعد فترة ليست ببعيدة، والمشكلة الأكبر تتمثل بعدم تنفيذ أي مشروعات خدمية جديدة تخدم المناطق السكنية التي شيّدت منازلها على مدى أكثر من عشر سنوات سلفت وخاصة لجهة الطرقات وشبكات الصرف الصحي.
على وقع اليوم الوطني للمجالس المحلية ينبغي ألا يمرّ إحياؤه بمجرد حملات تنظيف وتعزيل وترحيل وتشذيب هنا وهناك تنتهي بعد عدة أيام -على أهميتها- بل ينبغي وضع خطط عمل ومنهجية تنفيذ بمدد محددة للنهوض بالواقع الخدمي، وذلك بالتوازي مع إجراءات تكفل تحسين الجباية وإقامة مشروعات تنموية لتحقيق عوائد مالية جيدة تمكّن الوحدات الإدارية من الانطلاق بأعمال صيانة مُجدية ومشروعات خدمية جديدة تلبي احتياجات التوسع السكني.