يؤكد الحلف الأطلسي من جديد، أنه الذراع العسكرية للهيمنة الأميركية، تستعمله واشنطن لإخضاع الآخرين، ومحاصرة الممتنعين عن الخضوع، وإنهاك المقاومين لسلطة وهيمنة أميركا، واليوم تصعد أميركا عبر الأطلسي، تصعد مع روسيا، بحجة أوكرانيا، وتريد من موسكو أن تتخلى عن حفظ أمنها القومي، وفضائها الحامي لاستقرارها، وهو تصعيد يمكن أن يؤدي إلى حرب عالمية، كما قال الرئيس بوتين، محذراً ومنبهاً من هذه الأفعال الأطلسية الناتجة عن غريزة بدائية للهيمنة.
التصعيد الذي يحتل شاشات الإعلام، يذكر الجميع، بأن الأطلسي ورغم إعلانه عن طبيعته الدفاعية، يعيش ويستمر على إثارة التصعيد والتوتر، حتى لو أدى الأمر إلى حرب عالمية، إنها غريزة أطلسية بدائية، وهي ما دفعته إلى نقض الاتفاقات التي أبرمت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، والتي تعهد فيها، بعدم توسيع الحلف باتجاه الحدود الروسية، وتجلى هذا النقض، بنصب الصواريخ في أوروبا، وفي بلدان مجاورة لروسيا، كما تجلى في ضم بلدان قريبة من روسيا ومجاورة لها، وتحويلها إلى دول مهددة لأمن واستقرار روسيا، بجعلها جزءاً من الأطلسي المعادي لموسكو.. وهكذا فإن هذا التصعيد ليس جديداً، بل بدأ من سنوات طويلة، ولكنه هذه الأيام وصل إلى أخطر نقطة على روسيا، وهي أوكرانيا التي يمكن أن يفكر حكامها، بعد انضمامهم إلى الأطلسي، باستعادة القرم، وهذا ما سيفتح حرباً أطلسية مع روسيا، لأن المادة الخامسة من ميثاق الحلف تلزمه بدعم ومشاركة أي دولة من دوله إذا تعرضت للحرب، وهذا ما جعل الرئيس بوتين يسأل الصحفي الفرنسي في المؤتمر الصحفي الذي عقده مؤخراً مع ماكرون: (هل تريدون أن يزجكم الحلف الأطلسي في حرب مع روسيا، هل يقبل الشعب الفرنسي أن يرسل أبناءه لحرب مع روسيا من أجل أوكرانيا؟)، وهكذا فإن التصعيد ينذر بحرب مدمرة، لا يؤيدها أو يسعى إليها أي عاقل.
خطورة التصعيد بسبب أوكرانيا، أنه منزلق إلى حرب عالمية مدمرة، والسؤال الذي يواجه العالم عامة وأوروبا خاصة: ما الآثار التي ستسببها هذه الحرب على العالم اقتصادياً وأمنياً وما حال الطاقة، وكيف سيكون استخدام التكنولوجيا المتطورة في هذه الحرب، وماذا سيفعل العرب تجاه ما سيصيبهم من ارتدادات هذه الحرب، وهل يتحضرون لمثل هذه الكارثة؟ وهل يجوز أن ننتظر حتى تقع الفأس بالرأس؟