اركضووووا!

«اركضووووا»… هكذا دوّت الكلمة ، وتحول البيت إلى ساحة «داحس والغبراء» عندما أتت«ستّ الحسن» الكهرباء ،فالشباب ركضوا مثل المجانين نحو موبايلاتهم ليشحنوها، والصبايا ركضن مثل غزالات الفلا؛ هذه نحو الشاحن والثانية نحو “السيشوار”، فيما الآباء والأعمام ركضوا كما في سباق التتابع؛ واحد ليشحن بطارية الليدّات، والثاني ليصلح الخلل في الشريط المقطوع، والثالث ليصلح ما خرّبته الكهرباء المحروسة التي “شرقطت” و”لعلعلت” وتخلخلت فخرّبت معظم الأدوات في البيت، فيما الأمهات الغاليات ركضن أيضاً واحدة نحو الغسالة لتنهي “وجبة الغسيل الناطرة عند البوابة…الناطرة تـيطلّوا حبابي” -على قولة الأغنية .
لكن هل تكتمل الفرحة مع الفقير!؟ لأنه وبعد أقل من عشر دقائق انقطع الخطُّ الأول في البناية فيما الكهرباء الملعونة هربت نحو بيوت الجيران والأخوال… ثم من جديد: اركضوووووا…. فركضنا جميعاً نحو شواحن الجيران، والجيران ركضوا معنا مكثورين الخير ليشحنوا البطاريات ، ثم التقينا على درج البناية بالخالات اللواتي ركضن أيضاً ليطمئنّوا على أوضاع الأطفال الذين تركناهم في العتمة، وكذلك ركضت حتى الجدّات المعمّرات مبتهجات بهذا النعيم الكهربائي لأنهنّ لم يعد يَرينَ جيداً على ضوء الشموع التي تذكرهن بالأيام الخوالي مع الأجداد لكنها لا تنفعهنّ اليوم في تلمّس طريقهن !… وحتى إنني رأيت جيران البناية المجاورة يطيرون ولا يركضون، وسمعتهم يتحدثون ولا يشتمون، ويتحاضنون ولا يتناوشون… ورأيت حتى أشجار الطريق مشعشعةً ومبتهجةً لأنها زرعت مجاورةً لعمود الإنارة الذي أعلن عن نفسه مختالاً لمدة عشر دقائق سرقها من هذا الزمان الأغبر.
وعلى فكرة؛ للحياة حيلها وأعاجيبها في تحويل البعض إلى مرهفي السمع كالثعالب، وسريعي الركض كالغزلان، وأقوياء “المطاحشة” ودائماً مع الكلمة الخرافية التي لا تخصّ أحداً سوانا: اركضوا أتت الرسالة..لك اركضوووووا!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار