فراس السواح والجائزة الغائبة..!
تمنح وزارة الثقافة كل عام جائزة تقديرية لبعض المبدعين في حقول إبداعية متعددة، في الآداب والفنون، وتختار ثلاثة مبدعين يمثلون ثلاثة حقول، ناهيك بمنحها الجائزة التشجيعية في أكثر من حقل أيضاً. وفيما نعلمه بخصوص الجائزة الثانية يتقدم المبدع ذاته أو هيئة ثقافية أو علمية بترشيحه، في حين أن الأولى ليست بحاجة لمثل هذا الترشيح، إذ تختار الأسماء عادة لجنة من المستشارين في وزارة الثقافة، وأزعم أن الجائزة بدأت بدورتها الأولى عام 2012. ولأن ثمة مبدعين كثراً في الشعر والقصة والمسرح والنقد والفن التشكيلي (تصوير، نحت) وفي الغناء والتلحين والتأليف الموسيقيين، قد نالوها، ولا تزال أسماء أخرى ومن أجيال تالية للجيل الذي نالها إلاّ أننا نعتقد أن ثمة غياباً عن بال اللجنة اسماً فريداً في مجاله الفكري والمعرفي، وهو الباحث فراس السواح الذي لا يزال ينجز كتبه في مجالي الميثولوجيا وتاريخ الأديان، وهو وإن كان غنياً عن التعريف نعتقد أن لا أحد ينافسه من أبناء جيله على هذه الجائزة لعدم وجود من عمل في مجال بحثه، وقد صدر له في أكثر من طبعة، كتبه التي تجاوزت أيضاً الثلاثين كتاباً بين تأليف و(ترجمة وتحرير)، منذ كتابه الأول “مغامرة العقل الأولى” ، وشارك في ندوات ومؤتمرات عربية كثيرة، ثم عزز حفرياته المعرفية بالكتب التالية (لغز عشتار، و…) وتحرير لترجمة موسوعة تاريخ الأديان التي صدرت بأربعة أجزاء، ساهم في ترجمتها عدة مترجمين منهم يوسف شلب الشام، عبد الرزاق العلي، غادة جاويش، فلماذا تغيب عنه الجائزة؟ الباحث فراس السواح اضطرته ضرورات الحياة والمعيشة للذهاب إلى الصين عام 2012 ليدرّس هو والراحلة زوجته المترجمة “وفاء طقوز” في جامعة بكين، ثم عاد إلى البلد واستقر في دمشق وليس في حمص التي ينتمي إليها، منذ عام 2018 فهل تكرمت وزارة الثقافة وتنبّهت له؟ وهذه الإشارة ليست تحيّزاً له لأنه من مبدعي مدينتي حمص، بل لأنه يستحق مثل هذه الجائزة، وإن اختلفنا مع بعض أفكاره وكتبه على هذا النحو أو ذاك، في مواضيع وأفكار لا تزال قيد السجال، فهو يستحق الجائزة كما استحقها من مُنِحت له من أبناء جيله الذين تفخر سورية بهم.