الزمن بيننا!

لو تأملنا كأفراد في علاقتنا بالزمن، بين مجتمعنا ومجتمعات أخرى أكثر تطوراً وتقدماً واستقراراً، سنجد أنها تختلف كثيراً، كما تختلف أيضاً بيننا كأفراد، ولأن المسألة متشابكة كثيراً مع حيثيات أخرى، ومسائل حياتية وفكرية وثقافية وقوانين، غيرنا أجدر بتناولها من زاوية فلسفية أكثر عمقاً مما تحتمل هذه المقالة، سنقصر إشارتنا إلى علاقتنا بها كأفراد، فعلاقتنا بالزمن لا يمكن أن تتشابه، فعلاقة المرأة بها في مجتمعنا غير علاقة الرجل بها، وإن كان في مرحلة ما قد تتقاطعان أو تتماثلان.
ففي مرحلة الدراسة الثانوية تكون انشغالاتهما بالزمن نحو الانتقال إلى الدراسة الجامعية، لكن بعض النساء، تخذلهن مسائل عدة كالعادات أو فقر الأب، فيبدأ الزمن عندهن بالتوقف لعدم استطاعتهن على إكمال مسيرة العلم والاختصاص الذي يطمحن إليه، ولتبدأ عندهن رحلة انتظار العمل أو الزوج الذي سيأتي وفق العادات والأعراف، لكن أغلبهن غير قادرات على كسرها ومخالفتها، في حين يتابع الرجل دراسته وتحقيق ما صبا إليه من علم وربما من مجال عمل في مؤسسة وضعها في باله، ليتابع ما تملي عليه الحياة من تأسيس بيت لأجل الزواج.
كما سيختلف الزمن بيننا كأفراد وفق مراحلنا العمرية، فيبدو إحساسنا به وحسابنا له أكثر دقة في المراحل العمرية المتقدمة فابن/ة الأربعين غير ابن/ة العشرين، كما أن الإحساس بالزمن بالنسبة للمرأة أشد وطأة منه على الرجل، فلحرمانها من مسائل حياتية كثيرة كالعلم والعمل، وما يتيحانه لها من مشاركة للرجل سواء في صفوف الجامعات أو في العمل، يجعلها تأخذ حقها من الحياة بالتعرف إلى الرجل ككائن من كل أطيافه وليس كائناً اقتصادياً وربّ أسرة فقط، وتعدّ نفسها مصدراً للإنجاب والعمل بالمنزل فقط.
والسؤال الذي أنهض تلك التأملات: أين ذلك كله من المقاربات في الدراما التلفزيونية السورية؟ صحيح إنها موجودة لكن بشكل طفيف جداً وغير فاعل ومنتج ولافت للنظر، أو مساهم في البناء الدرامي للشخصيات والأحداث، وهذا يدل على ثغرة موجودة لدى كتّابنا الدراميين، إذ إن أكثر مسألة حاضرة هي تسليط الضوء على فترة زمنية محددة وتقديم ما يميّز تلك الفترة بالتمجيد لدرجة العبادة، ولا حضور لما أشرنا له رغم أنه في زعمنا يغني الأعمال الدرامية ويعطي شخصياتها التميّز في البناء الدرامي لها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار