هل يحمي القانون المرأة من العنف؟

تؤكد المحامية جولييت ضائع أنه في ظل ارتفاع مؤشرات الجريمة، وتنامي العنف كظاهرة اجتماعية خصوصاً كأثر مباشر لأزمة الحرب الكونية علينا، طوال ما يزيد على عقد من الزمن، وما خلفته من فقر وجهل، وترد أخلاقي غير مسبوق، يعتبر العنف الأسري في مقدمة الجرائم المقلقة، التي تستدعي الاستنفار للتصدي لها ولجمها، فهي تشكل الخطر الأكبر على نواة المجتمع وبنيانه، فكيف به وهو موجه للمرأة العمود الفقري للأسرة، فهي الزوجة والأم والأخت و الابنة، وهي الطرف المعرّض للتعنيف غالباً، في ظل ما سبق نتساءل: هل يحمي القانون المرأة من العنف؟ تجيب المحامية ضائع :إن مفهوم العنف الأسري مفهوم واسع، فهو يشمل المساس بالجسد والنفس والمال وغيرها، ويأخذ مظاهر متنوعة تشمل التعنيف اللفظي والإيذاء الجسدي والقتل والجرائم الجنسية الخ… وبالنظر في قانون العقوبات السوري، نجد أنه انطلق بآليات التجريم والعقاب في جرائم العنف عموماً من دستور الجمهورية العربية السورية، والذي نص في مادته رقم/33/ “على أن الحرية حق مقدس وأن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة”, وتالياً فنصوصه النافذة تقدم الحماية القانونية ضد جرائم العنف عامة لأي شخص، سواء كان ذكراً أم أنثى، ولا يوجد أي نقص تشريعي في هذا المنحى، سواء كان في جرم القتل أو الإيذاء أو الاغتصاب أو الفحشاء أو الخطف أو الزنا أو إهمال واجبات الإعالة أو غيرها.
كما أن المشرّع قنن جرائم خاصة بالمرأة كجرم الاغتصاب، ومراودة المرأة عن نفسها والدخول إلى أماكن خاصة بالنساء.
في حين وّسع المشرع إمكانية الحماية القانونية عندما يرتكب الجرم بحق امرأة في حالات محددة، كما في الأفعال المنافية للحياء، حيث حمى المرأة مهما كان عمرها، بينما اقتصرت حمايته للذكر حتى إتمامه الخامسة عشرة فقط.
أما لجهة تشديد العقوبة للجرائم العنفية الواقعة على المرأة، وإن كنا لم نشهدها في قانون العقوبات العام، الذي أصبح قديماً، إلا أننا بدأنا بملاحظتها في القوانين الجزائية الخاصة الحديثة، كقانون مكافحة الاتجار بالأشخاص، حيث شدد عقوبة هذه الجرائم إذا ما وقعت على امرأة أو طفل أو شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، فجاء متسقاً مع توجه التشريعات العالمية الحديثة في إطار اتفاقية حقوق الإنسان.
وتالياً ليست المشكلة في غياب تجريم العنف ضد المرأة، لأن هذا لأمر مقنن، بل الحلقة المفقودة تكمن في تشديد العقاب إذا ما كانت ضحية العنف الممارس هي المرأة فمثلاً:
نصت المادة/535/من قانون العقوبات السوري على عقوبة الإعدام على القتل القصد إذا ارتكب:
-عمداً
– تمهيداً لجناية أو تسهيلاً أو تنفيذاً لها أو تسهيلاً لفرار المحرضين على تلك الجناية أو فاعليها أو المتدخلين فيها أو للحيلولة بينهم وبين العقاب
-على أحد أصول المجرم أو فروعه.
حيث تتم إضافة حالة جديدة لحالات تشديد عقوبة القتل القصد، وهي حالة وقوع الجرم على الأخت أو الزوجة.
والقول بأن القانون يكفي وحده لمعالجة هذه الظاهرة مجافٍ للحقيقة، فالأمر يحتاج جهود المجتمع بكل أطيافه، سواء الأهل أو المدرسة أو المجتمع المحلي والمنظمات والجهات المعنية، وتفعيل التوعية والطرق الوقائية، وتعد البرامج التلفزيونية والمنصات الإلكترونية المتخصصة بهذا الجانب من التوعية، من أكثر الأساليب المؤثرة في توجيه الرأي العام وتغيير السلوك الاجتماعي .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار