حالة من القلق وعدم الارتياح، نراها على وجوه أغلبية المواطنين في أسواقنا المحلية، “وريبة كبيرة” أمام ما يحدث فيها من وجود أكثر من سعر للسلعة الواحدة المتشابهة ، وفجوة كبيرة بين التسعير من المصدر الأصلي ومابين السعر في الأسواق واختلاف مابين سوق وسوق حتى في المدينة نفسها ، والحاجة الملحة والمتزايدة للحالة الاستهلاكية للمواطن والتي تحكمها تداعيات أزمة، ما زالت مستمرة بكل مفرداتها السياسية والاقتصادية، وصولاً إلى تأثيراتها الاجتماعية..!
وبالتالي المتابع لهذه الأسواق يرى كل ذلك، ويتحسس كل مشكلة، بظروفها وتأثيراتها، لكن أخطر ما في الأمر، مسألة في غاية الأهمية حالة “الفرز الكبيرة بين طبقة رجال الأعمال والتجار والصناعيين ” واختلاف نمط السلوك الذي تعاملوا من خلاله مع الأزمة، وما نعانيه اليوم من أزمات فيها هو بالدرجة الأولى نتيجة حتمية لهذا الاختلاف، وطبيعة كل سلوك تجاري ظهر منذ بداية الأزمة، دون أن نتجاهل أزمات ما قبلها لكنها مختلفة إلى حد كبير، واتفاقها في حالة واحدة تكمن في حالة الجشع، لدى الكثير بسبب مصالحهم الشخصية..!
وما يهمنا اليوم حالة الفرز التي ما زالت قائمة، وتفرض سطوتها على الأسواق المحلية ، واختلاف سلوكهم اليومي للتعامل مع تداعيات الأزمة، وخاصة السعرية التي لم تستقر، بدليل وجود أسعار مختلفة للسلعة الواحدة في السوق نفسه، وهذا دليل يحمل الكثير من مفردات الفرز لهم، فمنهم من ركب موجة الأزمة، وتعامل معها بأنانية مفرطة, لدرجة أن الوطن لا يعنيه شيئاً, بقدر ما يعنيه المتاجرة والربح بطرق مختلفة..!
لكن دون أن نتجاهل طبقة لا تقل أهمية في خطورتها عن سابقتها، حيث سجلت حالة هروب ، منذ بدايات الأزمة، ، واليوم للأسف هذه الطبقة تحاول لملمت خيباتها في الخارج، محاولة العودة لممارسة دورها، وأي دور سيسمح لها بالمشاركة فيه، قادمات الأيام تحكي لنا قصصه..!
وبطبيعة الحال هذا يقودنا للحديث عن مكون يستحق الاحترام والتقدير، وهؤلاء أدركوا حجم الأخطار التي تعرض لها الوطن، فكانت أخلاقهم الوطنية المعيار الصحيح للتعامل مع الأزمة, والحس الوطني هو الأقرب للتعامل مع الأسواق، وتأمين حاجاتها واحتياجاتها, إلى جانب المؤسسات الحكومية وأجهزة الدولة على الرغم من قلة هؤلاء، فإنهم يفعلون فعل الأغلبية, وما زالوا صامدين في الميدان, يطلقون المبادرات التجارية لتخفيف العبء عن المواطن, وحمل المسؤولية الوطنية إلى جانب الحكومة وأجهزتها لحماية الأسواق المحلية، وتوفير متطلباتها وفق الإمكانات التي تسمح بتأمين حياة مقبولة للمواطن..!
والذي قادنا أيضاً اليوم للحديث عن هذا الفرز هو أننا اليوم أمام حالة إنعاش اقتصادي تقودها الدولة في كل مكوناتها، ينبغي مشاركة الجميع، لكن السؤال هنا، “وهذا السؤال على لسان ملايين المواطنين”: هل يتساوى الجميع في هذه المشاركة..!
فرصة المشاركة مطروحة للجميع، لكن حسابات الوطنية هي التي تحدد شروط المشاركة والمساهمة في عملية الإنعاش وبناء الحالة الاقتصادية والاجتماعية التي تستهدفها كل الإجراءات ومكونات العمل الحكومي.
Issa.samy68@gmail.com
سامي عيسى
164 المشاركات