على سيرة إلغاء الدعم لبعض الأسر الذي تحدث عنه وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك أثناء حديثه لـ« صحفيي تشرين والثورة » منذ أيام، والذي وصل في مرحلته الأولى إلى إلغاء 330 ألف بطاقة، ولا أحد يعلم كم سيبلغ العدد النهائي، علماً أن بعضهم تحدث عن أنه سيتم إسقاط الدعم عن 600 ألف.
تعالوا نتخيل ماذا سيحدث لو تم إلغاء الدعم نهائياً عن الرز والسكر وليتر الزيت والمياه المعبأة والغاز والمازوت والبنزين وزيت الكاز والخبز بكيس نايلون أو من دونه، عن الزراعة والأعلاف، البذار والمبيدات، وبذار الشوندر السكري و”المزّ”.
لو تقدم الحكومة على هذه الخطوة على أن يتم منح قيمة الدعم (والمواد المدعومة) إلى المواطنين السوريين حسب عدد أفراد الأسرة «شندي» أي«كاش»، ولن تضل الحكومة السبيل عن الآلية التي ستوزع فيها هذه الأموال .
بالتأكيد، سيزداد دخل الأسرة أضعافاً مضاعفة، بحيث تتمكن كل أسرة من شراء فروج وكيلو لحمة حمراء وعلبة سردين شهرياً على سبيل تنويع الغذاء والبروتينات!
ليس هذا كل ما سيحدث، بل قد تجد الحكومة نفسها مستعدة للاستغناء عن مؤسسات التدخل الإيجابي كاملة مع كوادرها وإداراتها والعقود والصفقات والعمولات.. الآليات وصيانتها والمستودعات، والعقارات التي تقدر قيمتها بمليارات مليارات الليرات السورية، أي الاستغناء تماماً عن خدمات «السورية للتجارة » ومؤسسة الأعلاف على اعتبار أنهما الذراع الضاربة للحكومة في السوق.
لن نجد سرقات في المستودعات ولا مواد فاسدة أو منتهية الصلاحية ولا أعلافاً مخلوطة بالرمل ولا دورات علفية للمربين تعود كمياتها إلى التجار من غير طريق بعد أن تكون كبدت الخزينة العامة مليارات الليرات. لن يكون هناك أكثر من سعر (للأخضر) حيث سيتخلى المركزي عن تمويل المستوردات المتعلقة بالتدخل الإيجابي وتعود أيضاً قيم هذه المستوردات كاملة إلى المستورد بعد قيام «السورية للتجارة» و«الإعلاف» بالاعتذار عن استلام النسبة المخصصة لهما من عمليات الاستيراد الممولة من المركزي، وبذلك يصبح هناك سعر واحد يمكن أن يعتمده المصرف و يتم كف يد من يستغل سعر الصرف بالاستيراد وبالتالي القضاء على السوق السوداء.
لو تفعل الحكومة ذلك على أن ينحصر دور أجهزة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتشديد الرقابة على المستوردات من ناحية الصلاحية والمطابقة للمواصفات وقمع المخالفات مع تفعيل القانون 8 بكثير من الدقة والقسوة أيضاً.. لو تقوم الحكومة بإلغاء الدعم، لن نرى المستوردين من فئة الحيتان طوابير على أبواب الوزراء ومديري التدخل الإيجابي!