السين السلحفاتية وإن همّت
في بداية العام الجديد الذي تلا عاماً صعبت فيه الظروف والمعاناة من اللاإنسانية السلوكية غير المبالية والمعتمدة على حصارات وعقوبات وخنق للدول والشعوب لإدارات مارقة متوحشة تعاكس الطبيعة والإنسانية متشعبة ومتمفصلة بكل بقاع الأرض، والذي أوصل معاناة البلدان لرمق الوجود وهو ما وجدناه في كثير من البلدان المحيطة أسوة ببلدنا، ولكن الصبر والصمود والتحمل الشعبي الوطني كانت سداً منيعاً لما خطط وليعود الانتصار الوطني ضد الإرهاب الاقتصادي بعدما انتصر ضد الإرهاب العسكري.
ما يستشف مما مضى أنه صعب أن تتكرر هذه الظروف وانعكاساتها، ولابدّ من قراءة الأسباب والثغرات والحلول المنطقية التي تعتمد على تفاعل وتكامل القدرات والإمكانات وسد الثغرات بالوقت والتوقيت، والابتعاد عن التصريحات الآنية للهروب من الواقع عبر بث وعود تبدأ بـ«سوف» ومن أهمها ضبط الأسعار التي مازالت تتصدر بفوضويتها وسط جدال وصراع بين من يفرضها ومن يجب عليه وضعها ومراقبتها ومحاسبة من يتلاعب بها، وسط تبريرات غير قانونية وغير منطقية، ووسط تخطيطات مسبقة، ولن نخوض في غمار إلا ما حصل بسعر الفروج والتلاعب به يوم رأس السنة، هذا اليوم الذي تكرس عادة وتقليداً، يجمع السوريون ودول العالم عليه كنوع من التفاؤل والأمل وما حصل مع هذه السلعة يحصل مع كل السلع، اعتراض على تسعيرة الوزارة، امتناع عن البيع، العودة قبل يومين من رأس السنة بأسعار فرضت وغيرت الوزارة الأسعار ليكون الابتزاز يوم رأس السنة بمضاعفتها وسط تغاضي الرقابة واستسلام المواطنين وهو ما عانيناه خلال سنوات الحرب القذرة، ولكن الظروف تغيرت وأدوات وأساليب التحكم زادت، وكذلك بوعود الـ«سوف» ما حصل لمزارعي الحمضيات وخاصة في الساحل الذين بكوا وهم يرون محصولهم يتساقط على الأرض وسط ابتزاز بالسعر لا يساوي التكلفة ووسط وعود بالتسويق لم تعط أي فاعلية، ووسط جشع وأسعار مرتفعة في الأسواق، وتستمر الوعود لتكون الخسارة مضاعفة ولتعود الأرباح للسماسرة على حساب المزارعين وما سيحمله ذلك من لامبالاة وامتناع عن الاهتمام بالمحصول وخسائر ستنعكس على معيشة شريحة كبيرة من الشعب ووسط وجود الحلول ولكن الـ«سوف» دائماً تسبقها ولا يتبعها فعل.
وكذلك في رحلة الـ«سوف» حديث لرئيس اتحاد العمال عن طلباتهم من الحكومة، ومن ضمنها تثبيت العقود الذي قد لا يحصل حسب تصريحات وزير المالية تحت قبة مجلس الشعب والتي هي صلب القانون ولكنها بعيدة عن حلّ المشكلات، فالرد كان بأنه يجب التقدم للمسابقة للتثبيت وعدد العقود عشرات الآلاف وهو قريب من العدد المطلوب للمسابقة المركزية وبالتالي هي قد تستوعب بعضاً يسيراً ولكنها لن تحل المشكلة، ورغم صوابية جزء من رد الوزير لكن جزءاً من العقود قد يعود ليس لتجاوزات وإنما لحاجات طبيعة عمل المؤسسة وكذلك قد تكون الحاجة الملحة فرضت على المتعاقد الموافقة عليها.
المهم رغم الأسى والمعاناة يجب أن يكون العام الماضي درساً نستوعب ثغراته وإيجابياته ووضع الحلول الواقعية المنطقية المساهمة في العودة التنموية بأنواعها، ولابدّ من التركيز وتفعيل مشروع الإصلاح الإداري للوصول إلى أقل حالات من الهدر والفساد، وإعطاء الأمل لقطع الطريق على من خطّط ونسّق لسرقة أهم ثروات المجتمع وهي الثروة البشرية وخاصة الشبابية الكفوءة.