شوقي بغدادي يوقّع «بعد فوات الأوان»

أسئلة نقدية وإبداعية نادرة، تضمنها توقيع الشاعر شوقي بغدادي (1928) لكتابه الجديد «بعد فوات الأوان»، في نادي اتحاد الصحفيين بدمشق, فهذه التجربة التي تصنف مع الرواد، تتضمن عدة مراحل وأجيال مرت على القصيدة العربية، التي يصفها بغدادي اليوم بأنها غير مُرضية بسبب الهشاشة وعدم تمكنها من التعبير عن صلابة الشعر في الأسلوب والمعنى.
بغدادي الذي بدأ مسيرته في النشر عبر المجلات الثقافية عام 1943، أصدر عدداً كبيرًا من الدواوين الشعرية والقصص مع بداية عقد الخمسينيات، كما كتب الزاوية الصحفية في العديد من المنابر أهمها زاوية «آفاق» في صحيفة تشرين, وقد كان من المؤسسين لرابطة الكتاب السوريين عام 1951 قبل أن تتحول إلى اتحاد الكتاب العرب حيث كان عضواً في المجلس خلال معظم دوراته وتولى رئاسة تحرير مجلة «الموقف الأدبي» الشهرية الصادرة عن الاتحاد.
ينظر اليوم شوقي بغدادي، بعين الخبير إلى انتاج شعراء اليوم، ويدرك في قرارة نفسه أن هولاً قد عصف بالقصيدة من حيث اللغة ومتانة النص والآفاق التي يفتحها أمام القارئ، لكنه في الوقت نفسه يراهن على الشعر أبدَ الدهر، ويقول: إن القصيدة لم تفارقه برغم أنه تجاوزه التسعين من العمر, فالشعر هاجسٌ وشغف، وإن تبدل العصر وتغيرت أحوال الناس واهتماماتهم, ربما لأجل ذلك اختار عبارة «بعد فوات الأوان» عنواناً لكتابه الصادر حديثاً عن دار سويد في دمشق، حيث تحجز قصيدة الوزن والقافية مكانها بثقة متقدمة على الكثير مما يكتب اليوم بدافع السرد والشكوى الشخصية والاستسهال, لهذا قلنا: إن توقيع هذا الكتاب يعيد أسئلة النقد إلى الواجهة إلى جانب أسئلة الإبداع, فقصيدة بغدادي غنية ومزدهرة ولم تخلع جلدها، بل حافظت على هويتها بصلابة كأنها تشير إلى قوافل الشعراء المزدحمين على أبواب القصيدة، أن يصحوا، عندما يصرخ بهم شوقي:
ما عساني وقد غرقتُ أقولُ
ليس ماءً هذا السوادُ الثقيلُ
بادرة جيدة لدار «سويد» التي عملت على إصدار هذا الكتاب وأقامت حفلاً لتوقيعه كما أعدت فيلماً قصيراً عن الشاعر بغدادي تم عرضه خلال الحفل، كما قدمت السيدة مانيا سويد مديرة الدار درعاً تكريمية للشاعر، احتراماً وتقديراً لتجربته الطويلة التي تركت بصمتها في الأدب السوري والعربي بشكل عام, في هذه المرحلة، يحتاج الأدباء إلى الأيدي النبيلة وحسن التوجّه وإعطاء التجارب حقها من الاحتفاء، فالمشهد اليوم، كما وصفه بغدادي، مليء بالهشاشة ويغلب عليه الضياع وغياب البوصلة, الجميع اليوم معنيون بتوسيع نقطة الضوء كي لا يغمرها بحر العتم!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار