الألقاب.. هل تحقّ للشّعراء دون غيرهم؟!

عُرف بعض الشّعراء بألقاب خاصّة بهم لا تميّزهم عن غيرهم شعرياً إنّما تميزهم اجتماعياً وغالباً ما ترتبط بصفات أو حادثة شخصية، نذكر الأعشى الباهلي وأبو العتاهية والمتنبي وأبو نوّاس والنّابغة الذّبياني وتأبط شرّاً وغيرهم الكثير.. هذا ما توثّقه الكتب المتخصصة بالأدب العربي وتجمع عليه، لدرجة أنّ قلّة منّا تحفظ الاسم الثّنائي لأحدهم وإن كانت قرأته مراراً، وعلى خلاف ذلك لم تذكر أو توثّق هذه المراجع لمصطلحات دارجة أو مبتدعة في الشّعر العربي أو ربّما متّفق عليها في مراحل لاحقة من تاريخه كمصطلح «إمارة الشّعر» أو «أمير الشّعراء» الذي أطلق أوّل مرّة على الشّاعر أحمد شوقي في عام 1926 ـ وفي مراجع أخرى في عام 1927ـ حيث تمّت “مبايعته” في مهرجان أقيم في القاهرة حضره شعراء وأدباء من مختلف البلدان العربية، ولن أتحدّث هنا عمّا كتب في الصّحافة المصرية والعربية حينها من رفض شعراء لهذه “المبايعة” أو الاتّهامات أو الموقف الشّخصي لشوقي من هذه “المبايعة”، كما لن أقف عند أسبابها سواء أكانت سياسية أم غيرها تماماً كالحاصل اليوم في مسابقة «أمير الشّعراء»، فما حدّثنا عنه بعض المشاركين من مؤامرات تحاك خلف الكاميرات وفي الكواليس يقدّم لنا لمحة بسيطة عن آلية منح هذا اللقب.
وبعيداً عن لقب «أمير الشعراء» وُجدت لاحقاً ألقاب في تاريخ الشّعر العربي، نذكر هنا وصف الشّاعر الرّصافي للشّاعر الجواهري «ربّ الشّعر»، ونذكر الشّاعر حافظ إبراهيم الملقّب «شاعر النّيل» وخليل مطران الملقّب «شاعر القطرين»، وفدوى طوقان الملقبة «خنساء القرن العشرين»، وغيرهم، مع التّذكير بحقيقة يعرفها القارئ والمطّلع لهذا التّاريخ أنّ المراحل السّابقة أو العصور السّابقة من تاريخ الشّعر العربي ولاسيّما الجاهلي منها كانت فترة ازدهار وانتشار وتميّز وتفرّد شعري لم يتكرر وربّما لن يتكرر، ومع ذلك لم يطلق أيّ من هؤلاء الشّعراء لقبه، بل كان مبادرةً من أدباء وشعراء يجدون في هذا الشّاعر أو ذاك صفةً ملازمةً له دون غيره، على خلاف الحاصل اليوم، إذ يطالعنا بعض الشّعراء من مختلف الأعمار بألقاب يطلقونها هم على أنفسهم ولا أحد سواهم وإن كان بعض أصدقائهم يذكرونهم باللقب همزاً ولمزاً أو مجاملةً يبقى اللقب السّابق للاسم على شبكات التّواصل الاجتماعي خير دليل، ونذكر- دائماً -على سبيل المثال لا الحصر – أولئك الذين يلقبّون باسم زهرة أو وردة يحبّونها أو مدينة يسكنون فيها أو كما يقولون تسكنهم ولا يمكنهم العيش خارجها وهؤلاء كثر ومنهم من غادر المدينة عند أول «مغصة»، كاتبين إجهاضهم برحيل دائم و«شوق قاتل» من فنادق بلادهم الجديدة!.
لكن.. لماذا تطلق هذه الألقاب على الشّعراء فقط؟ ولماذا يلجأ الشّاعر إلى استجداء لقب غير رسمي لا يقدّم ولا يؤخّر؟ هل لأنّه يدرك أن لا أحد يرى فيه ما يراه؟ ولمَ هي حكراً على الشّعر دون غيره من الفنون الأدبية الأخرى؟ لماذا لا يلقّب روائي ما بلقب ما، كأن نقول روائي الحبّ أو روائي الفشل أو النّجاح أو أمير الرّوائيين.. إلى غير ذلك الألقاب؟ أم إنّه يحقّ للشّاعر في هذا الأمر أيضاً ما لا يحقّ لغيره بغضّ النّظر عمّا يقدّمه البعض من نصوص متدنية تحت مسمّى الحداثة وحرية النّصّ.
أقول قولي هذا وأنا أجهّز الحاسوب والعين والفكرة استقبالاً لألقاب جديدة قد تكون شاعر المتّة أو القهوة أو الزّهورات نماذج منها!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار