منصات التواصل الاجتماعي تدخل على خط العلاج النفسي.. فهل تؤدي المطلوب؟
مؤخراً، تحول تقديم الدعم والعلاج النفسي عبر وسائل التواصل والمنصات، من مبادرات فردية، ومحاولات خجولة، إلى منصات ومواقع لها حصتها الكبيرة من الرواد، إن كان عبر أطباء واختصاصيين جيّروا صفحاتهم الشخصية لهذا الأمر، أو عبر إعلانات لمنصات علاج نفسي عبر الهاتف ترعاها وتشرف عليها وتمولها منظمات دولية.
وليست هذه الطرق الجديدة نوعاً ما – على الأقل في مجتمعاتنا – هي اللافتة، وإنما إقبال الناس عليها بالعلن، بعد أن كانوا يعتبرون الدخول إلى عيادة طبيب نفسي، أو خضوعهم لعلاج من هذا النوع وصمة مجتمعية.
«كورونا» زاد انتشارها
الاختصاصية النفسية روان قطيفاني تعمل معالجة في منصة من المنصات التي يرعاها أحد برامج الأمم المتحدة، أوضحت أن فكرة إدارة الحالات عبر الهاتف انتشرت أكثر خلال جائحة “كورونا” ، وبداية لم يتوقع أحد نجاح الفكرة، بسبب بعض المعوقات وعدم توافر أدوات الموضوع لدى جميع المرضى، مثل هاتف متطور، إضافة إلى مشاكل الكهرباء والشحن وما إلى هنالك، ولأن المقابلات المباشرة في الدعم والعلاج النفسي عموماً ضرورية جداً، فهناك ملاحظات تؤخذ من لغة الجسد والعيون وأمور أخرى، لكن بعد اشتداد “كورونا” وأزمات المواصلات والأزمات الاقتصادية، صار الكثير من المرضى يفضلون العلاج عبر المنصات التي توفر عليهم مجموعة أمور، فبدلاً من الذهاب إلى الطبيب النفسي الذي قد يصل سعر الجلسة لديه إلى 30 ألفاً، أتحدث مع منصات تعالجني مجاناً، وهناك معالجون يعالجون عبر المنصات وكأن المريض في العيادة، هذا الأمر أدى إلى نقلة نوعية، واليوم هو ناجح جداً إذا تم استخدامه بطريقة منهجية وتحت إشراف ، وتنظيم معين.
تقنيات معينة
وعن الموضوع التقت “تشرين” الدكتور واستشاري الطب النفسي جميل ركاب الذي حوّل صفحته الشخصية على فيس بوك إلى ما يشبه العيادة المجانية، يقدم من خلالها النصائح النفسية والتربوية للقراء والمتابعين والذي قال: إن الحديث على الهاتف له تقنيات علاجية معينة، فمثلاً نحن كمعالجين لا نستطيع استخدام تقنية التحليل النفسي على الهاتف، ولا استخدام تقنيات علاجية، ونختار تقنيات معينة، فأول طرق علاج الاكتئاب هو الحديث عن المشكلة، فعندما يجد المريض إصغاء وتفهماً يشعر بالراحة، وينتقل إلى مرحلة جديدة.
توفير وسهولة
وأضاف الركاب: بشكل عام العمل عن طريق « أون لاين» يعدّ طريقة فعالة جداً في تحقيق معظم الأهداف الوظيفية، وتوفير الكثير من الوقت والجهد والطاقة والمال، وصحيحٌ أن العلاج النفسي له حيثيته الخاصة، حيث يعدّ التواصل وبناء علاقة الثقة العلاجية عنصراً أساسياً في العلاج، وهذا قد يحتاج للحضور الجسدي من قبل المعالج، فيمكن تجاوز شرط الحضور ومحاولة سد الفجوة الناجمة عن ذلك بمنهجية واضحة وعقد علاجي صريح، وهذا لا يغني بالطبع عن التمسك بالشروط اللائقة المتعلقة بالمعالج نفسه، والذي يجب أن يكون مدرباً كفاية وذا مستوى علمي وأخلاقي جيدين، وكذلك بشروط الاتصال الجيدة، بحيث يكون واضحاً ويمكّن من خلاله التواصل البصري وملاحظة الملامح الوجهية والجسدية للمريض، وكذلك التواصل الفعال وبناء علاقة علاجية تسودها الثقة.
ميزات خاصة
وأوضح د. ركاب أن للعلاج عبر الشبكة ميزات صريحة أيضاً وغير متوافرة ببقية أنواع العلاجات وخصوصاً في المجال النفسي، فهو يسمح بالحصول على خبرات أشخاص لم يكن من الممكن الحصول عليها، بسبب بعد المكان الجغرافي أو أوقات العمل أو صعوبة وتعذر الوصول، وكذلك يقدم خدمة كبيرة لأشخاص يصعب عليهم مغادرة منازلهم لأسباب مختلفة، وبالطبع فهو كذلك يقدم خدمة كبيرة للأشخاص الذين يعيشون في بلاد غريبة لا يتكلمون لغتها أو حتى وإن تكلموا لغتها فهم لا يزالون غير قادرين على التعبير عن أنفسهم وصياغة مشاعرهم بتلك اللغة.
وختم ركاب بأنه ورغم أن العلاج عبر “الانترنت” تشوبه بعض العيوب التي يجب العمل على تخفيف أثرها، إلا أنه يتمتع بميزات غير متوفرة في طرق العلاج الأخرى، وهو شخصياً لديه عشرات الحالات التي يتابعها حول العالم من داخل وخارج سورية في أوروبا وأميركا ودول المنطقة العربية، ويجد تطوراً وتحسنا كبيرين في حالات المرضى وبشكل لا يقل عن العلاجات المباشرة في معظم الحالات.
أجوبة عن أسئلة غير موجودة
وللسؤال عن ترخيص هذه المنصات أو السماح لها بالعمل في سورية والإشراف عليها، وجهنا كتاباً إلى وزارة الصحة فيه الأسئلة التالية :
1- هل هذه المنصات مرخصة من وزارة الصحة؟ وخاصة تلك التي تشرف عليها منظمات الأمم المتحدة؟
2- ما دور الوزارة في ضبط انتشار هذه المنصات؟
فكان الجواب كالتالي:
مديرة تقانة المعلومات المهندسة ديمة الديواني قالت إن تطبيقات الهواتف النقالة يتم حالياً ضبطها من خلال الهيئة الوطنية لخدمات الشبكة من خلال إجراء الاختبارات اللازمة، وفي حال اجتياز هذه الاختبارات، تتم مخاطبة وزارة الصحة لتقوم بدورها في وضع الشروط التي تخصها، والتي يجب أن تحققها هذه البرمجيات، وذلك من خلال المديريات المعنية حسب نوع التطبيق، وبناء على ما سبق، يحصل صاحب التطبيق على موافقة وزارة الصحة التي يبنى عليها تصريح هيئة خدمات الشبكة للتطبيق ليستثمر في سورية.
ومن جهة ثانية، بينت مديرة الصحة النفسية د. أمل شكو أنه قد ورد ضمن الخطة التنفيذية لوثيقة البرنامج القطري للأمم المتحدة الإنمائي في سورية، دعم المبادرات الهادفة لتعزيز التماسك الاجتماعي، والصمود المجتمعي عن طريق توفير خدمات التمكين والحماية للنساء، اعتماداً على الإرث الثقافي الإيجابي، وتعزيز مشاركة الرجال والفتيان في التصدي والاستجابة لقضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتحقيق المساواة المجتمعية.