في مشهد مثير للسخرية والاشمئزاز أحيا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذكرى الـ60 لمذبحة الجزائريين في باريس عام 1961.. المذبحة التي قتل خلالها عدد كبير من الجزائريين الذين تظاهروا بسلمية لدعم نضال بلادهم في نيل الحرية والاستقلال.
هذا العهر الفرنسي وإن كانت أبعاده ورهاناته معروفة في ظل أزمة متصاعدة بين باريس والجزائر حول ما يتعلق بمعركة الذاكرة، إلا أن التباكي المفضوح لن يعفيها من انتهاكاتها ولن يمحي تاريخها الأسود أمام الجزائريين بشكل خاص والعالم بشكل عام لاسيما في حقبة الاستعمار الفرنسي.
فرغم مرور عشرات السنين، إلا أن ذاكرة التاريخ لا تزال شاهدة على ممارسات فرنسا الاستعمارية، وخلال تلك الحقبة السوداء من تاريخ البشرية، استغلت فرنسا شعوباً، ونهبت ثرواتهم، وارتكبت مجازر بحقهم، وذلك كله ضمن سياسة تأسيس حكمها الاستعماري.
وليس هذا فحسب فالسياسة الفرنسية الحالية، وكيفية تعاطيها مع القضايا الدولية والملفات التي سخنتها بنفسها على جمر إثارة النزاعات وافتعال الفوضى باتت أكبر من قضية تباكٍ مزعوم ومفضوح على أطلال “الإنسانية” المقتولة أصلاً بسكين الإرهاب الفرنسي بحق شعوب كثيرة.
فالدجل والرياء الفرنسي يعيدنا بالذاكرة إلى أحداث مشابهة.. فالتفجيرات النووية الفرنسية بالجزائر مثال حي وصارخ، وسيبقى جرحاً لن يندمل.. كما أن لشعوب القارة الإفريقية ذاكرة لا تمحى مع العنف والقهر على أيدي الاستعمار الفرنسي.
ماكرون ليس الوحيد الذي أمتهن مهنة الكذب بذرفه دموع التماسيح على الأخطاء، وإذا ما أردنا إظهار وتعرية جرائم فرنسا والغرب بغالبيته.. فالوجع العراقي الحاصل إلى الآن يحكي “قصة اعترف” رواها القاتل توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق بعد سنوات من تدمير العراق وفق ما سماه “الأخطاء” التي ارتكبت خلال الحرب التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية في العراق عام 2003 .
إذاً فسياسات الغرب الوحشية والإرهابية هي طبعها المتأصل حتى ولو أظهرت عكس ذلك وطبعها غالب على تطبعها وكل مساعيها هي لذر الرماد في عيون الحقيقة المؤكدة عنهم.