بصمة مستوردة ..!

بعد سنوات من «هدوءٍ» عقب ضجة مماثلة حول القرار ذاته… حسم تجار الألبسة مرة ثانية الجدل لصالحهم عبر التمسك بقرار السماح باستيراد الأقمشة المصنرة من دون تعديلات، في ضربة قاسية لصناعيي النسيج، المهددة معاملهم بالتوقف عند فتح الباب لتمرير أقمشة مستوردة ومهربة من دون ضوابط تحمي المنتج المحلي من إغراق السوق بهذه السلع، وتمنع استفادة بعض الفاسدين والمهربين من ثغراته لإدخال أقمشة تدر أرباحاً مضاعفة على جيوبهم حتى لو كانت من الجارة العدوة تركيا، والتي تفننت بتدمير الصناعة المحلية وتحديداً في حلب، ما يستغرب التمسك بصيغة القرار الحالية وعدم تعديل بنود أثبتت سابقاً أنها مصدر كبير للفساد والتجاوزات.
دعم صناعة الألبسة الجاهزة «واجب» شرط أن تكون صناعة محلية متكاملة من ألفها إلى يائها، وليست مستوردة ببصمة محلية خجولة، وألا يؤثر ذلك على صناعة النسيج والمحافظة على معاملها التي تشغل عائلات كثيرة، وهنا نتساءل: أليس من الممكن إصدار قرار متوازن يضمن حماية صناعة النسيج وعدم توقف منشآتها وخاصة في حلب باعتبار أن نسبة 70% من هذه الصناعة متركزة في العاصمة الاقتصادية، وتلبية طلبات صناع الألبسة الجاهزة في الوقت ذاته من دون التسبب بهذه البلبلة، التي كشفت حجم الخلل في صناعة القرار الاقتصادي الذي يفترض ألا يصدر قبل دراسة كافية مع التشاور مع أصحاب العلاقة، فهل يعقل أن يصدر مثل هذا القرار من دون استشارة صناعيي النسيج في حلب والاكتفاء بآراء صناع الألبسة الجاهزة فقط، ليأتي القرار على مقاس مصالح تجار الأقمشة ومستورديها، كما أظهر القرار «التصدع» الواضح في وسط قطاع الأعمال، الذي لو كان «بخير» فعلاً لاتفق الطرفان على حلول مرضية على «الساكت» بعيداً عن «حروب» كلامية تدلل أن هذا القطاع بات يحتاج غربلة «موزونة» تعيد إليه سمعته الاقتصادية والاجتماعية المؤثرة كالسابق.
مدينة حلب الصناعية المنتجة تعد أكثر المتضررين من هذا القرار الذي زاد من الضغوط المتراكمة عليها، في وقت يتوجب تقديم كل التسهيلات والدعم المطلوب للنهوض في صناعة حلب، والتي إن وقفت على رجيلها سيضمن ذلك إنهاء الأزمات المعيشية والاقتصادية مع استفادة الأطراف كلّها بمن فيهم المواطن، بدل استفادة فئة قليلة أكلت الأخضر واليابس ولا تزال تطلب المزيد، فإلى متى ستبقى حلب وصناعتها آخر الاهتمام مع إنها قد تكون البوابة لفك الحصار الغربي الجائر عن معيشتنا، وهل مصالح أهل التجار والاستيراد أهم من إنقاذ صناعة محلية قادرة بقليل من الدعم والاهتمام على نقلنا إلى برِّ الأمان والخلاص من شبح تحويلنا إلى بلد مستورد بعدما كنا بلداً منتجاً يحسب له ألف حساب؟.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار