هل من تفسير لما قاله الرئيس بشار الأسد أمام الرئيس فلاديمير بوتين أثناء زيارته إلى موسكو، من «أن هناك دولاً تدعم الإرهاب وتعطل الحل السياسي في سورية»، هل من تفسير لهذا الكلام يخرج عن أن المقصود بهذه «الدول» هو تركيا أولاً؟! وهل غيرّت زيارة رجب أردوغان إلى روسيا ولقاؤه الرئيس بوتين من سلوك تركيا في دعم الإرهاب وتعطيل الحل السياسي؟
أول ما نتج عن زيارة أردوغان إلى روسيا، انتشار خبر استقالة 5 جنرالات وعدد كبير من العقداء من الجيش التركي لأنهم عرفوا أن أردوغان لم يستجب لمطالب الرئيس بوتين حول إدلب التي تسعى عبرها موسكو إلى إعادة الاستقرار إلى المنطقة، وبغضّ النظر إن نفت المصادر التركية الخبر أو تجاهلته فإنه يبقى مؤشراً على تململ الجيش التركي من تجاهل سياسة أردوغان الغرق في مستنقع الإرهاب وزعزعة الاستقرار في المنطقة.
الخبر نشرته الصحافة الروسية التي أوضحت أن بوتين طالب أردوغان بإبعاد الإرهابيين من إدلب وإخلاء مسافة بعمق 6 كيلومترات جنوب طريق «الإم فور» وتسهيل عودة اللاجئين الراغبين إلى مناطق الحكومة.
وأهم ما طلبه الرئيس بوتين من أردوغان -حسب ما كتب أليكسي نستينيكوف- ضرورة إزالة ستة مواقع للجيش التركي من المنطقة الواقعة بين إدلب وسراقب شرق محافظة إدلب وإلا سيواجه عناصر الجيش التركي في هذه المواقع الموت المحتم، ولأن إخلاء هذه المواقع يسهل ويمهد الطريق للجيش العربي السوري للتقدم في مسار تحرير إدلب، إلا إن أردوغان يماطل ويمتنع عن تنفيذ ما طلبه بوتين، لذلك يفهم أمثال هؤلاء الجنرالات والعقداء والجنود الأتراك أنه رغم تأجيل المعركة قليلاً إلا أن سياسة أردوغان ستدفع الجيش التركي حتماً إلى هزيمة واضحة في إدلب، وهذا ما يجعلهم يتحسسون المصيبة التي يدفعهم إليها أردوغان.
أردوغان، المُصاب حديثاً بإهمال الرئيس الأميركي جو بايدن له في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة والخاسر في أفغانستان، حيث سبقته طالبان ووصلت إلى قصر الرئاسة قبل أن يقنع بايدن بالسماح له بالتدخل لمساعدة طالبان، وأردوغان الذي يعاني سقوط تنظيم “الإخوان المسلمين” في تونس والمغرب وقبلهما في مصر، خاصة أنه الزعيم العالمي لهذا التنظيم.. أردوغان بعد كل هذه الخيبات لا يجد إلا العناد ليتسلح به أمام مطالب بوتين رغم معرفته أن هذا العناد و«التتنيح» سيؤديان به إلى التهلكة النهائية، فهل يستمر في غيّه وتوهانه المخرب؟ وإلى متى يمكن أن يتحمله الرئيس بوتين؟ وكيف لا يسمع ولا يفهم نصيحة بوتين بضرورة أن يبذل الجهد للتباحث مع الحكومة السورية لتأمين حدوده التي يتذرع بها وفق اتفاقية أضنة ومبدأ حسن الجوار؟ الأمور واضحة: ليس أمام تركيا إلا هذا الحل، وهذا ما أبلغه الرئيس بوتين لأردوغان، أما الاستمرار في دعم الإرهاب وعرقلة وتعطيل الحل السياسي في سورية والتدخل عبر عملائه بأعمال اللجنة الدستورية، وهذا ما لا يقبله بوتين وروسيا والدول العربية، ولا حتى أميركا تقبل به، وقبلهم هذا ما لا يمكن أن تقبل به سورية، لذلك الرد عليه واضح النتيجة، ومن يصطف مع الإرهاب يُحارب كما يُحارب الإرهاب!.