سرير.. وكرسي!

رحم الله أيام الـ«25» شهرياً قيمة الإقامة في المدينة الجامعية, حينها كان كل ثلاثة طلاب في غرفة واحدة, وفي الوحدات «المدللة» الأولى والثانية في جامعة دمشق، كان كل طالبين في غرفة، ونادراً ما يحتاج طالب ما للدراسة في مكتبة الوحدة, إذ لا فوضى ولا ازدحام ولا« عنتريات».
كانت المطابخ والحمامات مشتركة، وكان كل الطلاب يعرفون بعضهم, ويتزاورون «يزورون» بعضهم.
ازداد عدد الطلاب، ولم يزد عدد الوحدات السكنية، فبدأ الطلاب بحمل وزر لا ذنب لهم به.
رفعت إدارات المدن الجامعية الرسوم الشهرية إلى 300 ليرة, وأبقت على الأسرّة مكسرة، والكراسي والطاولات «خردة» لدرجة أن الكثير من الغرف تحولت إلى «مدة عربية» لا سبيل للنوم فيها إلا «على السكين».
أمس أعلنت وزارة التعليم العالي رفع رسوم السكن الجامعي إلى 2000 ليرة شهرياً بدءاً من العام الدراسي 2022 – 2023 لكنها لم تعلن عن قيامها بتحسين الخدمات التي ستقدم للطلاب مقابل هذه الزيادة (المحرزة) فعلاً, خاصة إذا علمنا أن كل ثمانية طلاب يحشرون في غرفة واحدة .. أي إن المدينة الجامعية تتقاضى 16 ألف ليرة قيمة تأجير الغرفة الواحدة شهرياً.. ترى: هل ستكون المطابخ والحمامات والتدفئة مختلفة عن الأعوام السابقة!؟.
وهل سيدخل الطالب إلى غرفته ليجد سريراً مقبولاً عليه فرشة غير مهترئة وشراشف وأغطية تفوح منها رائحة النظافة وكرسياً وطاولة؟.
لا شك في أن قيمة الخدمات مرتفعة، وقد تكون مرهقة، وقد تُعذر إدارات المدن الجامعية لتعذّر تأمين المازوت لتشغيل الإنارة و”الشوديرات” للتدفئة وتسخين المياه.. لكنها غير معذورة لعدم صيانة الأسرّة والأبنية بشكل عام.. منذ تأسيس السكن الجامعي تم تشكيل ورشات للصيانة من الدهان وتركيب الحنفيات إلى الصيانات وإصلاح الأعطال بكل أنواعها. .
هل سيجد الطالب مثلاً من يملأ له الغاز «السفري» بأقل من 30 ألف ليرة؟.
لا نحمل في نفوسنا إلا ذكرى اللحظات الجميلة التي قضيناها مع أصدقاء وزملاء, كم تذكرت تلك اللحظات وأنا أوصل أولادي إلى الوحدات الجامعية التي أقمتُ فيها سنوات عمري الأجمل, وكم أخبرتهم عن تلك اللحظات السعيدة التي عشناها بـ25 ليرة, لكن الـ2000 ليرة قد تترك ندوباً لا تبرأ خاصة حين يقف طالب عاجزاً عن تأمين هذا المبلغ «الزهيد» خاصة في ظل وجود أرباب أسر لا يتمكنون من شراء الخبز!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار