مَنْ رُزِقَ الصبرَ نالَ بغيتَهُ!
إني رأيتُ، وفي الأيام تجربةٌ للصبرِ عاقبةً محمودةَ الأثرِ
وقلَّ من جدَّ في أمرٍ يطالبُهُ فاستصحبَ الصبرَ، إلّا فاز بالظَّفَرِ
هذان البيتان المنسوبان لأسياد أهل الحكمة في الشدة والرخاء أحببت أن أبدأ منهما ليكون الإنفاق من الصبر غنىً ومعاذاً من الجزع والبطر على رأي أبي فراس الحمداني:
أنفِقْ من الصبرِ الجميلِ، فإنّهُ لم يخشَ فقراً مُنفقٌ مِن صبرِهِ
فالصبرُ أمضى سلاحاً يتّقي به العاقلُ شرَّ العارض والمزمن من مكروه ما يتعرّض له عبر رحلته في هذه الحياة، ويردف الشاعر الحكيم أبو فراس دواء الصبر بحلية الحِلم – والذي قال فيه حكماء الهدى، ما شِيبَ شيءٌ بشيءٍ أفضلَ من حِلمٍ بعلم:
واحلمْ – وإنْ سفهَ الجليسُ- وقلْ لهُ حُسنى المقالِ، وإن أتاكَ بهَجْرهِ
ويرى أسامةُ بنُ المنقذ في الصبر المنقذَ مما يكرهُ المرءُ إلى الشاطئ الذي يحبُّ ويُنشد:
اصبرْ على ما كرهتَ تحظَ بما تهوى، فما جازعٌ بمعذورِ
وفي موضعٍ آخر يرى الشاعرُ الصبرَ السبيلَ إلى تحقيق المُبتغى:
من رُزِق الصبرَ نالَ بُغيتَهُ ولاحظَتهُ السعودُ في الفلكِ
وأمّا ابنُ الرومي فيرى أنَّ الصبرَ دليلُ نباهةِ المرء ورجاحة حِجاه:
اصبري أيتها النفسُ فإنَّ الصبرَ أحجى
ربما خابَ رجاءٌ وأتى ما ليس يُرجى
وابنَ الوردي وجد بعد تجربتِهِ الناسَ واختبارهم، أنَّ السبيل إلى انفراج الإزم هو الصبر فعقبى الصبر الجميل فرجٌ أكيد يأتي بكُلِّ مُسرٍّ مفيد:
من أجلِ ذلك قد جانبتُ أكثرَهُم وقلتُ، يا أزمةُ اشتدّي لِتنفرِجي
يا نفسُ صبراً، فعُقبى الصبرِ نافعةٌ لابدَّ أن يأتيَ الرحمنُ بالفَرَجِ
ويدعو الزهاوي إلى التمسّك بالصبر في كل ما ينتاب المرء عند كل كرب أو إعسار، لأنّ عاقبةُ ذلك اليسرُ والنجاحُ حتماً, مشيراً إلى أنّ الشكوى والتذمّر في طبيعة الإنسان وتقلّبات مزاجه:
تمسّكْ بحبلِ الصبرِ في كلِّ كربةٍ فلا عُسرَ إلّا سوفَ عقبُهُ يتيسّرُ
إذا استيقظتْ في المرء روحٌ لطارئٍ فعندئذٍ، أخلاقهُ تتغيّرُ
ويرى عبد الله السابوري أنّ من يتمسك بحبل الصبر فإنّ عهدَهُ غيرَ الناكث، النجاةُ، يقول:
من يعتصمْ بالصبرِ عند الحادثِ فالحبلُ في يديهِ غيرُ ناكثِ