هل يُصلح تباكي واشنطن المزعوم على ضحايا الغارة الأخيرة في كابول، ما اقترفته يداها من مجازر في أفغانستان على مدى أكثر من 20 عاماً؟.. سؤال يطرح في ظل المشهد المذل للانسحاب الأميركي من أفغانستان بعد الهزيمة المدوية لها، وما آلت إليه حال الدولة العظمى على منصات الفضائح.. فهي باتت العنوان الأبرز للمهزوم الذي جر ذيوله خارج أفغانستان.
“بثلاثين من فضة” سلمت أميركا أفغانستان لمصيرها مع “طالبان” وقادتها إلى جلجلتها، بعد أن عزفت خلال سنوات طويلة على مزمار الإرهاب، وأفرزت داخلها كوارث إنسانية يندى لها الجبين إلا أن رياح المشهد على امتداد الخريطة الدولية جرت بما لا تشتهي سفن واشنطن، حتى باتت تبحث لها عن مخارج وحلول من أكوام المصائب المتراكمة.
فلعل التباكي ينجي من خيبة الهزيمة النكراء من خلال ما تطرحه لتعويض ضحايا الغارة الأمريكية على كابول.. فكانت القراءة الأميركية وفقاً لمبادرات مبطنة ترسم ملامح الخزي ببضعة دراهم وجهتها هذه المرة لأهالي الضحايا على طبق من أشلاء أبنائها المتناثرة، فترسم بذلك إشارات الاستفهام حول مبادرتها تلك.. هل حقاً لم يبق في جعبتها بما يتعلق بالشأن الأفغاني سوى بضعة دراهم؟
الجواب حاضر وظاهر ولم يعد يخفى على أحد، لم تكن يوماً أميركا على تعاقب إداراتها نصيراً للشعوب وحقوق الإنسان على اتساع الخريطة الدولية كما تدعي كذباً، فقاموسها الإرهابي ينضح بما في داخله، فهي التي شردت وقتلت مئات الملايين في العالم منذ أحداث ١١ أيلول.
إذاً كل المحاولات التي تسعى أميركا من خلالها للظهور بمظهر الحمل الوديع لن تخفي قبح وجهها الإرهابي.. حتى وإن خلعت ثوب السياف والتجأت للتعلق بقشة المزاعم الإنسانية والأخلاقية، فآلاف الأشخاص على مدى عشرين عاماً هم ضحايا الاحتلال الأميركي لأفغانستان.. فكل مدينة وكل قرية ومنزل يوجد داخله ضحية أو أكثر، فعن أي مبادرات وعن أي مساعدات تتكلم؟.