هستريا الأسعار
لم نعد نعاني من جنون الأسعار لمختلف المواد الاستهلاكية بل بتنا نعاني من هستريا الأسعار، وهي درجات أعلى من الجنون، وإلى أين ستصل بنا هذه الهستريا.. الله أعلم ؟ إذ ليس هناك أي ضابط قادر على فرملة هذه الهستريا ، والجميع يلعب دور المتفرج ويقف مكتوفي الأيدي أمام مجموعة من التجار الجشعين الذين يتحكمون ويتلاعبون بالأسعار كما يحلو لهم.
وهنا لا بدّ من التساؤل: إذا كانت أسعار المواد الغذائية التي ننتجها بأيدينا من الخضار والفواكه قد وصلت إلى مستويات قياسية من الارتفاع ولاسيما أننا الآن في فصل الصيف، فماذا سيكون عليه الحال خلال الشتاء؟.
والمشكلة الغريبة التي تكاد تضع العقل بالكف أن المستفيد الأكبر من ارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه ليس المزارع بل الحلقات التجارية والاحتكارية المختلفة، فمثلاً الكثير من المزارعين باعوا البطاطا بـ200-300 ليرة، بينما التجار يحصدون ارتفاع أسعارها الآن والذي وصل إلى 1300 ليرة.
بعض المصادر تشير إلى وجود انخفاض شديد بزراعة الخضار والفواكه في هذا العام عن الأعوام السابقة، وهذا يعود إلى ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من أسمدة وأدوية ومازوت وأجور نقل وغيرها، أضف إلى ذلك أن انقطاع التيار الكهربائي كان له الأثر السلبي الكبير، فالكثير من المزارعين يضطرون لشراء المازوت من السوق السوداء وبأسعار جهنمية لتشغيل المولدات أو مضخات المياه إذ وصل سعر« الغالون» إلى 80 ألفاً تقريباً، والمزارعون غير قادرين على تأمين المازوت إلا من السوق السوداء، والسؤال المحيّر: كيف وصل هذا المازوت إلى أيدي المحتكرين والسماسرة؟.
وهذا بدوره أدى إلى ارتفاع أسعار الحراثة وتكاليف تحضير الأرض للزراعة بشكل جنوني، ما اضطر الكثير من المزارعين لهجرة أراضيهم والبحث عن مصدر آخر للعيش لأنهم غير قادرين على تحمل التكاليف، وهذا أمر خطير جداً!!! سندفع ثمنه غالياً إن لم تبادر الجهات المعنية لوضع حلّ لارتفاع تكاليف الإنتاج!!.
وبما أننا نتحدث عن هستريا الأسعار فلا بدّ من التطرق لأسعار مستلزمات الدراسة مع افتتاح المدارس، فقد عادت أم محمد من السوق وهي مصابة بنوع من الهلوسة، وتتحدث مع نفسها وتتساءل كيف تتدبر أمورها مع أطفالها الخمسة، فالحقيبة وصلت إلى 85 ألفاً ، والمريول 12 ألفاً، والبنطال 20 ألفاً، والدفاتر… وحمدت ربها ألف مرة أنه ليس لديها أولاد بعمر الروضة لأن تكلفتها تصل إلى أكثر من 400- 800 ألف ليرة، وقالت لا حلَّ سوى بإخراج أطفالها وزجهم في سوق العمل!!.
والقائمة لهستريا الأسعار تطول ونكتفي بهذا القدر كي لا نصاب نحن بالهستريا.