النصف الفارغ
أسباب عديدة تكرر سردها عن الأزمات المعيشية التي يعانيها المواطن بسبب الحصار على بلدنا والتدمير الممنهج للبنى التحتية من قبل الإرهابيين المدعومين من قوى خارجية معادية، إضافة إلى دور كبير للفساد والترهل في بعض جهاتنا الإنتاجية والرقابية ….
لكن المسبب الأهم هو التعاون الذي يبديه بعض المواطنين مع المفسدين والمستغلين عن طريق التعامل معهم وتسهيل سرقاتهم للمال العام وانتهاز الفرص لزيادة الاختناقات و الأزمات في أسواقنا المختلفة، وكذلك التعامل السلبي مع أسباب الأزمات وغياب ثقافة الشكوى…
مشاهدات كثيرة يمكن الحديث عنها في هذا المجال أولها حول مادة الخبز التي يقوم المواطنون بوضع بطاقاتهم الذكية لدى المتعهدين الذين يأخذون نصف مخصصاتهم ليبيعوها بأضعاف السعر الرسمي ما يسهم أولاً في زيادة الازدحامات على الأفران وثانياً في إنعاش السوق السوداء لهذه المادة.
وكذلك الأمر بالنسبة لمادة البنزين من خلال قيام المواطنين ببيع جزء من مخصصاتهم لتجار الأزمات والعاملين في محطات الوقود ليغذّوا السوق السوداء بهذه المادة محققين أرباحاً طائلة ولاسيما مخصصات السفر التي لا يعرف المستفيدون منها في أي المحطات توجد، وبالتالي يخضعون لابتزاز أصحاب محطات الوقود ويستغنون في أفضل الأحوال عن نصفها، كما يقوم الكثيرون من ضعاف النفوس بتجميع عدد كبير من البطاقات الذكية وينقلونها من محافظة إلى أخرى حتى يحصلوا على بنزين السفر وبعدها يبيعونه بأربعة أضعاف سعره الرسمي…
طرح الأمثلة يمكن ألا ينتهي في هذا المجال عن المواد المدعومة التي يقوم مواطنونا ببيعها لتجار الأزمات أو يستغنون فيها عن حقوقهم ولا يقدمون الشكاوى للجهات المعنية حتى تحاسب المفسدين وتضع لهم حداً…
بالتالي فكما نطالب (كمواطنين) الجهات المعنية باجتثاث الفساد الموجود في أجهزتنا العامة والرقابية على وجه الخصوص، يتوجب علينا ألا نكون الأداة التي يستخدمها اللصوص في سرقة المال العام واستغلال المواطنين ونساهم في زيادة الحيز الفارغ الموجود في كأس تأمين المواد الأساسية.