وسائل التمارض الاجتماعي!
باتت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً من حياتنا اليومية ومادة أساسية يشبه غيابها فقدان أي سلعة أساسية، استثمرها البعض كوسيلة إنتاجية معرفية ثقافية مقابل الكثيرين الذين أدمنوا عليها كوسيلة للتسلية وإضاعة الوقت وبث الشائعات ونشر اليأس في المجتمع بطريقة مباشرة أم غير مباشرة.
الأمر الخطير في الموضوع أن الدول الكبرى الطامعة في ثروات الشعوب استثمرت في هذه الوسائل وجعلتها وسيلة أساسية في استعمار عقول الشعوب لتصبح أداة طيعة في يدها تحقق لها مشروعاتها وتؤمّن لها مصالحها، واستخدمت في ذلك كل العلوم الإنسانية والنفسية والإحصائية التي تمكّنها من توجيه المتلقين في أي اتجاه ترغب فيه، على حساب مصالحهم الشخصية والوطنية، وهذا ما حصل خلال العقد الأخير من خلال الثورات الملونة التي حرّضت عليها الدول الاستعمارية عن طريق تنمية شعور الحقد على كل ما هو وطني، وإطلاق شعارات التغيير التي نجم عنها الكثير من الخراب والتدمير.
هناك الكثير من الدول التي تنبهت لهذا الخطر وعملت على الوقاية من مخاطره من خلال تقوية مناعة شعوبها ضد الأفكار الهدامة القائمة على التمييز الديني والعرقي والطبقي، من خلال تعزيز مفهوم المواطنة وشعور الانتماء إلى الوطن وأهمية العمل المنتج في بناء الأوطان والابتعاد عن التطرف بكل أشكاله ومضامينه.
المراقب لصفحات التواصل المسيطرة في بلدنا يلاحظ أن قلة قليلة منها تقدم مضموناً هادفاً تنموياً والأغلبية الباقية تركّز على إثارة الغرائز وتعميم الشائعات وإحداث الاضطرابات والأزمات بشكل مقصود أو غير مقصود، حتى إن الصفحات الشخصية لبعض المؤثرين في الرأي العام أصبحت منصة لإطلاق الأفكار السلبية وقتل الأمل لدى المواطنين.
لهذا؛ فالجميع هنا مطالبون بالتصدي للأثر السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي (ولاسيما الفيسبوك) ، والجميع هنا يشمل الجهات الحكومية والأهلية والمثقفين وصناع الرأي، من خلال استراتيجية وطنية لا تقوم على المنع أو التحذير من الصفحات المشبوهة، وإنما من خلال تقديم الترياق الفعال ضد محتواها وهو صفحات تغني بمضمونها متطلبات جمهورها وتبعدهم عن كل ما هو سلبي أو مشبوه بشكل تلقائي يحصِّننا ضد وسائل التمارض الاجتماعي السائدة الآن.