ضبطنا ماذا بعد؟!
نشطت الدوريات التابعة لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ونظمت عشرات الضبوط يومياً بحق المخالفين سعرياً أو نوعياً وأحالتهم إلى القضاء تنفيذاً لأحكام المرسوم التشريعي رقم (8) لعام 2021 المتضمن قانون حماية المستهلك، وهذا أمر يقدره المستهلكون لمعاناتهم بتعدد الأسعار للمواد نفسها بين سوق أو آخر, وحتى بين بقالية وأخرى في الحي نفسه.
لكن هل تحقق رضا المستهلكين؟ وهل يقتصر عمل وزارة التجارة الداخلية على تنظيم الضبوط بحق مخالفي التسعيرة الرسمية والمواصفات؟.
إن الأهداف الرئيسة للمرسوم هي حماية حقوق المستهلك وضمان سلامة الغذاء ومنع الاحتكار من خلال وضع ضوابط لممارسة التجارة والتسعير وفرض الرقابة على جودة المواد والمنتجات مع تشديد العقوبات والغرامات على الاحتكار والبيع من دون فاتورة وعدم إعلان الأسعار والتلاعب بالوزن والمكاييل والبيع بأسعار زائدة والغش.
لذلك فإن موضوع مخالفة التسعيرة الرسمية هو واحد من الأمور التي تم التوجيه بقمعها، لكن تبقى لدينا أمور أخرى كثيرة يجب العمل على التشدد في قمعها لتحقيق الغايات المرجوة من صدور المرسوم، وعلى رأسها موضوعا التسعير والاحتكار.
بالنسبة لموضوع التسعير هناك العديد من إشارات الاستفهام حول الآلية المتبعة في هذا المجال، وهل فعلاً تراعي تحقيق هامش ربح محدد لحلقات التجارة؟ وبيانات التكلفة المقدمة من المصنعين والمستوردين، وهل يجري تدقيق حقيقي لبيانات التكلفة المقدمة من قبل مزودي السلع؟ وعلى سبيل المثال الزيت النباتي «عباد الشمس» يبلغ وسطي سعره في أسواقنا 7200 ليرة، في حين يقل سعره في محافظة الحسكة عن 5000 ليرة برغم أنه يدخل تهريباً من الدول المجاورة فهل الزيادة في تكاليف الاستيراد والنقل بسبب العقوبات المفروضة من أعدائنا تشرّع أن تزيد أرباح تجارنا على 2200 ليرة للعبوة الواحدة؟.
أما بالنسبة لموضوع الاحتكار فهناك الكثير من السلع التي يجهل المستهلكون أسعارها الرسمية وتتقلب هذه الأسعار وفقاً لمزاجية التجار ومن يتعاون معهم في الجهات المسعرة، وعلى رأسها المنتجات التي يقدمها قطاعنا العام مثل: زيت القطن والتبغ والمياه المعدنية.
ما نتمناه أن تعيد وزارة التجارة الداخلية النظر في تسعير الكثير من المواد وأن تدقق في البيانات وأن تعتمد منهجية علمية واضحة تأخذ في الحسبان الأسعار العالمية للمواد المستوردة وتكاليفها حتى وصولها إلى المستهلك النهائي، لأن كثرة الضبوط بحق عدد من الحلقات الوسيطة ليست مؤشراً على حسن سير العمل التمويني.