الخبرة مع الحداثة
الأيدي الماهرة تنسج الخطوط والألوان ببراعة ودقة وإبداع، وتنظر برؤى أبعد من مدى العين، وهذه هي الخبرة التي تتوج سنين الدأب والعمل والاجتهاد للوصول إلى أفق الإتقان والخروج من عباءة النمطية إلى فضاء الإبداع.
بالمقابل فإن الحداثة تولد على أيدٍ نظيفة ترى من دون خطوط حمراء وصفراء وسوداء ترسم الفرح والبهجة كما تشعر به من دون نفاق، ويكون الصدق في محاكاة الطبيعة هو الشيفرة التي تنطلق منها الحداثة.
وحين تتقابل الخبرة والحداثة وتتقاطع في عمل تشكيلي مميز تكون النتائج مدارات جديدة لفكرة حاولت القفز فوق المألوف، ولعل هذه هي الحالة التي جمعت ما بين الأستاذ المعلم والطالبة الصغيرة المتدربة في معرض تشكيلي واحد احتضنه المركز الثقافي العربي في أبو رمانة.
اللوحات التي رسمت بيد الفنان التشكيلي عيسى العيسى كانت جنباً إلى جنب مع لوحات الطفلة المتدربة ريما شلهوب وضمت صوراً ورؤى عن الطبيعة كما نسجتها اليدان الصغيرتان فحملت الكثير من الألوان والخطوط التي تتوالد عبرها عناوين الفرح والمحبة من أصابع صغيرة بريئة، وإلى جوارها كانت تستند لوحات صممت من الغرانيت الأسود والأبيض الموشّى برموز تنم عن تاريخ وتراث عاشته القرى وخَبرته العين ونسجته اليد بثبات وإبداع.
اللافت كان هذا التناغم الجميل للطبيعة ما بين رؤية الطفولة للجمال والبساطة وما بين رؤية العين الخبيرة إلى ما وراء الجدران الطينية إلى حياة القرويين وطقوسهم.
ولعل الجمال يكون أكثر وضاءة عندما ترسمه يدان صغيرتان بمحبة وفرح وتمسك بهما يدان خبيرتان تبثانه الروح والعمق والرؤية الناضجة.
كل الأفكار الجديدة جميلة ولاشك في أن معرض ثنائية المحبة والفرح أضاف إلى المعارض التشكيلية في المركز الثقافي في أبو رمانة مداراً جديداً.