منذ عقود مضت والحديث عن«آلام» القطاع العام هي ذاتها لم تتغير, إلا بصور قليلة من حيث الشكل والمضمون, لكنها لم تكن تجاري الحقيقة في أدنى حدودها, وإن لامست هذه الآلام وتقديم الوصفات اللازمة للشفاء فهي للتخدير فقط, ولتجاوز بعض تداعيات ظروف آنية, وأزمات تعصف بين الحين والآخر, بمكونات اقتصادنا الوطني..!
وتالياً فإن المتابع لمراحل اقتصادنا السابقة والحالية يجد صحة ما نقول, ويشير بأصبعه إلى مواقع هذا الألم في كثير من الأماكن, ولاسيما على صعيد الأداء الإداري والإنتاجي, بدليل أن الإدارات المتعاقبة لم تستطع مجاراة التطور الذي حدث بالشكل المطلوب, والذي يسمح بمعالجته وتلبية حاجة القطاعات الأساسية, وتأمين معيشة المواطن اليومية اللائقة على الرغم من الكم الهائل للدراسات والاستراتيجيات التي قدمتها تلك الإدارات, واختبأت خلفها تحت عناوين مختلفة معظمها لا ينسجم مع حقيقة ما نريد من تطور نوعي على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي..!
ومرد ذلك يعود لأسباب متعددة الأوجه, منها ضعف في الأداء الإداري واختباء قادته وراء تعقيدات الإجراءات والقوانين , والتعاميم المبهمة, وأهمها الشخصنة وحسابات المنفعة في العمل, وتعظيم فائدتها على حساب الصالح العام, وهذه أخطر مشكلة مازال قطاعنا العام يئن تحت ضرباتها.!
وتالياً الخلاص منها يحتاج وضوحاً بالإدارة, وصحة بالإجراءات, تكون محكومة بشروط تغلّفها النزاهة وحرية انتقاء القيادات الكفوءة التي تتمتع بالخبرة الكافية لتحديد الأولويات واتخاذ القرارات الجريئة التي تخدم الصالح العام, وهذه ليست بالمهمة الصعبة, التي تقع على عاتق الوزارات من خلال إعادة ترتيب الجهاز الإداري والإشراف عليه, ومنح الصلاحيات المطلوبة التي تكفل حسن التنفيذ, وتحقيق المردود الاقتصادي والخدمي بصورة مستمرة, وهنا نخص الصناعة لكونها المحرك الأساس لاقتصادنا الوطني, وهي أكثر القطاعات التي تحتاج لإعادة النظر في الآلية الإنتاجية والإدارية وإحداث التغيير المطلوب الذي ينعكس بصورة إيجابية وتلقائية على بقية القطاعات, المرتبط عملها بهذا المكون المهم لاقتصادنا, وهذا يمكن معالجته بتوفير البيئة المناسبة لقيادات تتمتع بالخبرة والكفاءة في إدارة دفة الأمور المتعلقة بالجوانب الاستثمارية والتمويلية والإنتاجية, وهذه بدورها تسمح برفع القدرة التنافسية وزيادة معدلات الإنتاجية, وتحسين مستوى معيشة المواطن.
وهي الحالة المثالية التي نسعى لتحقيقها من خلال تكاملية الأداء والنتيجة من أي نشاط حكومي وغيره ..!