بكم تشتري السّر أو المخفي ؟!

“جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجاني المقلوب …” هل سمعت من قبل بالهروب إلى المستقبل إنه فن التبصير وفن الأبراج, ولمن يؤمن بتلك الطاقات وتأثير الأفلاك على الكون وعلى المولودين في يوم محدد وشهر معين ويلهثون وراء العلامات والرموز التي تتنبأ لهم بحل قريب أو انفراج ما في حياتهم وعلاقاتهم .. هؤلاء أصدق ما يقال عنهم إنهم يشترون الحظ ممن لا حظ له .. فعندما يصاب المرء بالخيبة ويفقد القدرة على اتخاذ قرار هام في حياته يحاول أن يداري خوفه وكسله باللجوء إلى المنجمين ليكشفوا له الأسرار والخفايا التي تعينه على اتخاذ قرار هام يتعلق بعمل أو زواج أو سفر وغير ذلك .. ولو أنه تمهل قليلاً وتأمل بحال هؤلاء الذين يبيعونه الأوهام لعلم بشكل جاد أنهم لو يعلمون حقيقة الأسرار والخفايا لكانوا الأولى بالانتفاع بها لكنهم يبيعون السراب لمن يشعر بالظمأ، ولو أنهم يملكون الأسرار لما وجدتهم عطشى يتسولون شربة ماء ولو بالتدجيل وتلفيق القصص.
وثمة من يؤكد أن الأفلاك والتنجيم علم يعود لسنوات طويلة تمعن في القدم وثمة حضارات قديمة كانت تعتمد عليه بشكل كبير في إدارة المجتمعات منذ آلاف السنوات وهذا صحيح ولكن علوم وتوقعات تلك الحضارات لم تكن لتعلن سراً أو علناً ما كان قد حال دون زوالها.
إن ما نسمعه أو نشاهده من توقعات حول ما يجري حولنا هو أكثر ما يكون دراسة للبيئة والمحيط واستقراء للماضي وتحليل للحاضر ما قد يؤدي إلى نتيجة أو عدة نتائج .. فمثلاً الطالب الذي يدرس ويجتهد ويتابع واجباته من السهل أن تتنبأ بنجاحه بينما من يضيع وقته في اللهو واللعب ستجد الكثير من الإشارات التي تنبهه لضرورة الاهتمام بالدراسة وإلا فإن ما هو متوقع لن يخفى على أقرب الناس إليه وهكذا الأمر ..
إن النصيحة والكلمة الطيبة التي قد تسمعها من البعض بنيّة التحفيز والإيجابية قد تؤتي ثمارها ..لكن العمل وحده هو من يفتح الأبواب أمام الدرب الواضح الذي ينير للمرء المستقبل ويحقق الأحلام، إنها الإرادة أيضاً التي تجعل المستحيل ممكناً .. ونقول بدلً من أن نضيع الوقت في محاولة كشف السر والمخفي ..اصنع مستقبلك بيديك وبعينين مفتوحتين وقلب ينبض بحب العمل والإخلاص ودع قصص النجوم ورموز القهوة وضرب الرمل لمن أضاع عمره في الأساطير ..!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار