البحث عن الاستثمار “الضائع”
منذ عقد من الزمن أطلقت وزارة الزراعة عدداً من الخطط حول زراعات لنباتات تحقق مزايا نسبية أو تنافسية سواء من ناحية الإنتاجية أم من جهة تحقيقها لعوائد مرتفعة في السوقين المحلية والدولية، مثل النباتات العطرية أو الطبية أو التوابل وغيرها الكثير التي تنتجها أراضينا في مختلف مناطق البلد…
وعلى سبيل المثال، قبل عدد قليل من السنوات كثرت الأحاديث عن الوردة الشامية وجدواها الاقتصادية وعائدها التصديري وضرورة إقامة معمل التقطير لتحقيق قيم مضافة أعلى، لكن ومن دون سابق إنذار اختفى خبر هذه المشروعات التي اعتبرت في حينها المنقذ والمدر للأرباح على صعيد المزارعين أو الخزينة العامة.
ومنذ أكثر من عقد من الزمن تنتشر شرقي حمص (منطقة المخرم وما حولها) عمليات جني لبراعم القبار( أو الشفلح) بين منتصف أيار وأواخر تموز والتي أنعشت تلك المناطق شبه الصحراوية وأمنت مصدر رزق لكثير من العائلات، وقارب سعر الكيلوغرام منها هذا الموسم 8000 ليرة، على الرغم من عدم معرفة العاملين في هذا المجال لمن تباع أو الجهات التي تصدر إليها أو أسعارها العالمية، في ظل غياب أي دراسات أو اهتمام من قبل الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الزراعة؟!
وبناءً على المثالين السابقين يمكننا القول إننا في ظل هذه الأزمة والحرب الكونية على بلدنا مازلنا نفتقد لوجود استراتيجيات واضحة تمكننا من تجاوز الآثار الاقتصادية والاجتماعية للحصار الظالم المفروض علينا (أو التخفيف منها).
فمن المفروض أن يكون لدينا متابعة لما أعلنا عنه من مشروعات وأن نتتبع تنفيذها وأن نعلن بكل وضوح فشلها أو نجاحها، كما يجب أن يكون لدينا في جميع جهاتنا العامة أناس مختصون في البحث عن مصادر دخل جديدة للمواطنين والدولة وأن تشكل فرق مختلفة لدراسة ما لدينا من إمكانات واستثمارها بالشكل الأمثل، والإعلان عن الأسعار العادلة والعوائد المتوقعة في أي مجال صناعي أم زراعي أم سياحي…، وألا نترك الأمور بيد عدد قليل من الأشخاص لا يمكن وصفهم إلا بتجار الأزمات.
وهذا أمر مهم لا سيما بعد صدور قانون الاستثمار رقم 18 الذي فتح الباب واسعاً أمام المستثمرين، الذين يحتاجون إضافة إلى البنى التحتية والقوانين الواضحة، بيانات وأرقاماً تقارب الواقع تبنى عليها دراساتهم الاقتصادية.