زهرة عمرنا ..!

واهمون جداً أولئك الذين يحسبون الحياة فرصة للهو واللعب، فالعمل ضمير الحياة و ضميرنا جميعاً ويعيش في وجداننا وصاغ ويصوغ ماضينا حاضرنا ومستقبلنا.. كانت تلك آخر كلماته في المحاضرة التي استمرت أكثر من ساعة ونيف مابين أخذ ورد مع الحضور.. ودع مدير المركز الثقافي وخرج إلى الشارع .
تذكر أن السيارة واقفة تحتاج إلى إصلاح وأن القطعة الصغيرة التي يجب أن يشتريها ارتفع سعرها من ثلاثة آلاف ليرة قبل حوالي السنة إلى خمسين ألف ليرة..! كان يمشي مطأطئ الرأس وقد أثقلته الهموم في ساعة ظهر حرّها كأنه لفح من لهب ينظر أمامه وكأن الدرب قد ضاع منه .. يوقظه من الغفلة رنين هاتفه المحمول ويسمع صوت ابنته تسأله: أبي أين أنت ؟ أريد أن أسجل في مركز التدريب وأحتاج خمسين ألف ليرة .. لقد أخبرتك منذ أكثر من أسبوع ووعدتني بتأمين المبلغ !! وتعيد السؤال: أبي أين أنت ، هل تسمعني ؟ يجيبها بصوت متعب: نعم انتظريني في البيت .
كالعادة رنين هاتفه المحمول لا يهدأ تتصل زوجته تخبره أن البراد والفريزر لا يعملان ولعل انقطاع الكهرباء خلال ساعات التقنين التي تجاوزت الثلاث ساعات مقابل ساعة كهرباء هو السبب وهذا يعني تلف «المونة » الشتوية وأكياس البازلاء والفول والجبنة وغير ذلك مما كانت تحاول توفيره للفصل البارد.. تتحدث الزوجة طويلاً عن معاناتها من انقطاع الكهرباء وكأنه المذنب أو السبب في هذا الانقطاع.. ويسألها للمرة العاشرة ماذا تريدين أن أفعل ..؟ هذه المرة قالها بصوت عصبي وعالٍ فأجابته بصوت خافت: هل يمكن أن تسأل عن الطاقة البديلة ؟!
يفكر بصمت لقد سأل فعلاً عن الطاقة البديلة أنها تحتاج إلى رواتبه لأكثر من سبع سنوات وهذا الخيار غير ممكن !!
يتصل بصديق يعرفه.. يسأله في حرج سمعت أنكم وسعتم ورشة الدهان وتحتاجون إلى مساعدة.. لقد عملت بالدهان عندما كنت طالباً وأود أن أعمل معكم.. لا تزال يداي قويتين.. ولا تغرك السنوات الستون التي انقضت من العمر..!! يجيبه الصديق القديم: أنت أستاذنا ومعلمنا.. تعال لنشرب كأساً من الشاي ونتحدث ..!!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار