الجودة بالإشراف
إن تنفيذ المشاريع الخدمية يحتاج اعتمادات باهظة، تأمينها ليس بالأمر السهل ضمن الظروف الراهنة ويخضع لأولويات الضرورة القصوى أو الاحتياجات الإسعافية.. وهنا يبرز السؤال المهم: هل تنفذ تلك المشروعات بالجودة المطلوبة حتى تحقق أهدافها؟.
الملاحظ أنّ هناك بعض المشروعات الخدمية لا تنفذ وفق المواصفات المطلوبة في ظل تواطؤ أو ضعف خبرة جهاز الإشراف، والأمثلة تبدو جلية من سوء تنفيذ مشاريع بعض الطرقات, وخاصة التي تُلزم لبعض متعهدي القطاع الخاص، فخلال فترة وجيزة يبدأ تذمر المستفيدين من تدرج المنسوب أو وجود تشققات وانفراط بعض أجزاء الإسفلت، وهذا السوء إضافةً لكونه يهدر الأموال فهو يبدد المنفعة لجهة تيسير الحركة المرورية والحدّ من الحوادث والتقليل من أعطال الآليات.
حالة سوء التنفيذ قد تتكرر في مشاريع الأرصفة، حيث يتم الردم تحتها غالباً بمخلفات الحفريات، ما يتسبب بهبوطات تعثر حركة المشاة وتجعل منها مع تجمع مياه الأمطار عرضة للتخرب والتحول لحفر مؤذية، حتى أطاريف الأرصفة لا يتم أحياناً التأسيس لها جيداً بالتوازي مع إنقاص الإسمنت بالمجبول البيتوني الخاص ببنائها، ما يجعلها بعد فترة قصيرة عرضة للتفكك والتداعي.
التدني بالجودة لا يقف عند ما سبق بل يتخطاه لبعض مشاريع المطريات والصرف الصحي والمياه والكهرباء والري وغيرها, وإن بنسب متفاوتة، وهنا لا بدّ من التوقف أيضاً عند أعمال ترحيل الأنقاض، حيث إن تقدير الكميات قد لا يكون دقيقاً أو بالأحرى «شلف»، ما يعني هدر أموال من ثمن تلك الأعمال بلا جدوى، علماً أنه باستثناء الترحيل الضروري من الطرقات والأسواق التجارية وغيرها من المواقع الحيوية، لا يعدّ منطقياً صرف أي مبالغ لترحيل الأنقاض السكنية في حال لم تكن سبباً في أي إعاقة أو خطورة، والأولى أن تضاف اعتماداتها لتعويض أضرار المنازل ليقوم أصحابها بطريقتهم بإزالتها والاستفادة منها, والبقية من التعويض يستثمرونه في أعمال إعادة البناء أو التدعيم والترميم.
المأمول لضمان جودة تنفيذ المشاريع وتحقيق غاياتها أن يتم تفعيل دور جهاز الإشراف بعد اختيار الخبرات والكفاءات الملائمة لكل مشروع حسب مكوناته، والحدّ من أي حالات تساهل أو تواطؤ قد تحدث مع بعض متعهدي القطاع الخاص الذين لا همّ لهم سوى الربح الفاحش غير آبهين بهدر المال العام أو تدني جودة التنفيذ وضياع المنفعة.