أكذوبة تلو الأخرى هكذا وصف موقع غراي زون الإخباري المستقل ما قدمه مدير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية فرناندو أرياس غونزاليس في جلسة مساءلة لمجلس الأمن محاولاً التغطية على فضيحة التقارير المزيفة التي أعدتها المنظمة حول الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما وما قام به كبار المسؤولين بالمنظمة من عمليات تشويه وحرف للحقائق على مدى سنوات طويلة.
الموقع لخص وفند الأكاذيب التي ساقها أرياس أمام جلسة المساءلة في حزيران الماضي والتي لم تكن لتحدث أصلاً لولا أن تعالت أصوات بعض العلماء من داخل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذين كشفوا زيف التقارير التي أعدتها المنظمة حول هجوم دوما المزعوم عام 2018 وما حدث من تلاعب بنتائج التحقيقات التي تماشت مع الرواية الأمريكية والغربية في سياق الحرب الإرهابية ضد سورية.
وكانت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أصدرت في آذار عام 2019 تقرير دوما النهائي الذي اقتصر على الكذب والتضليل وأدى إلى محو النتائج الرئيسة للتقرير الأصلي لتظهر في أيار 2019 مجموعة من التسريبات والتساؤلات الداخلية للمنظمة تكشف لأول مرة أن المفتشين الذين حققوا بالحادثة لم يعثروا على أي دليل على هجوم بالأسلحة الكيميائية.
وفي تحقيق أعده الصحفيان آرون مات وبيرس روبنسون لموقع غراي زون سلطا الضوء على عمليات التشويه والمراوغة التي قام بها أرياس خلال جلسة المساءلة ورفضه التحقيق أو تقديم تفسيرات حول التلاعب الممنهج في تحقيق المنظمة حول الهجوم المزعوم إضافة إلى تجاهله وتقليله من شأن العلماء الذين احتجوا على تقرير المنظمة المشوه وأكدوا زيفه.
أرياس رفض وفقاً للموقع الإخباري مقترحات حل هجوم دوما المزعوم مدعياً أن المجلس الاستشاري العلمي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ليس له سلطة لفحص الأدلة كما ادعى أنه شخصياً لا يملك أي سلطة على الإطلاق لإعادة فتح هذا التحقيق وحاول نزع المصداقية عن العمل الذي تم إنجازه في التقرير الأصلي للتحقيق والذي لم يعثر على أي دليل على وقوع هجوم كيميائي.
ولتكريس الرواية الأمريكية والغربية حول الهجوم المزعوم والأكاذيب الواردة في تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عنه رفض إرياس عمل المفتشين الذين خالفوه الرأي وكشفوا التلاعب الموجود بالتقرير متذرعاً بأن ما قاموا به استنتاج شخصي وبالتالي لا يخضع لإعادة التقييم كما رفض إرياس الكشف عن المسؤولين بالمنظمة الذين تلاعبوا شخصياً بمحتويات التقرير الأصلي حول هجوم دوما المزعوم واستمر في التقليل من أهمية خمسة من كبار المسؤولين السابقين في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بمن فيهم المنسق العلمي والمعد الرئيسي للتقرير الأصلي للفريق وزميله إيان هندرسون.
وكان هندرسون أقر عام 2019 أن نتائج التقرير الرسمي للمنظمة حول الهجمات المزعومة بالسلاح الكيميائي في مدينة دوما بريف دمشق “لا تتوافق مع الواقع وتتناقض مع الخبرة الهندسية”.
وقال في نص التقييم الهندسي حول مزاعم استخدام الكيميائي في سورية: إن “الاختبارات التي تم إجراؤها في موقعين للحادث إلى جانب التحليل اللاحق تشير إلى أنه من المحتمل أن تكون الأسطوانات الكيميائية قد وضعت على الأرض ولم تسقط من الهواء” وهذا ما يدحض كلياً تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية فيما يشير التقرير الذي أعده مجموعة من الخبراء بقيادة هندرسون إلى أنهم أجروا سلسلة من الاختبارات التي تحاكي الموقف وخلصوا إلى أنه في إحدى الحالات المزعومة لا تتطابق آثار الهجوم الكيميائي مع حجم التأثير المزعوم والذي كان من المفترض أن تكون فيه مادة سامة مع تلف السقف الخرساني في مكان الحادث.
عضو البرلمان الأوروبي عن إيرلندا كلير دالي أكدت خلال جلسة مساءلة إرياس أن استقلالية ومصداقية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية باتت موضع شك بسبب ما اكتنف ملف الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما بريف دمشق من جدل وما رافقه من تأكيدات خبراء شاركوا في صياغة نتائج التحقيق حول حدوث تزييف وتحريف للنتائج التي توصلوا إليها والتي أكدت عدم وجود أدلة على وقوع هجوم كيميائي في دوما.
دالي طالبت إرياس بالتوقف عن تجاهل الاتهامات والمعلومات التي قدمها محققون بشأن تزوير التقرير مؤكدة أن تجاهل هذه الاتهامات أو محاولة تشويه سمعة الخبراء لن يلغى حقيقة وجود هذه الأسئلة ووجوب الإجابة عنها.
وكان موقع ويكيليكس نشر سابقاً أربع وثائق مسربة من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تستبعد استخدام غاز الكلور في مدينة دوما كما أكدت النائب الأمريكية السابقة تولسي غابارد أن تحريف مسؤولي المنظمة للتقرير الأولي الذي قدمه محققون زاروا سورية وعاينوا كل شيء على الأرض وتوصلوا لنتيجة عدم وجود دليل على وقوع الهجوم المزعوم في دوما وضع مصداقية المنظمة ومصداقية تحقيقاتها وتقاريرها السابقة والمستقبلية على المحك وسيجعلها عرضة للتشكيك والتساؤلات.
إلى ذلك أشار عضو البرلمان الأوروبي مايك والاس خلال مداخلة له أثناء جلسة مساءلة إرياس إلى فضائح التقارير الأولية المزورة التي أصدرتها المنظمة والتسريبات التي خرجت من داخلها وبينت التلاعب بتلك التقارير من قبل مفتشي وعلماء المنظمة حول الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما.