على الأغلب يُفكّر مُتخفياً ..!

تُعرّف موسوعة الـ (ويكيبيديا) الفيلسوف على أنها كلمة يونانية الأصل (فيلو- سوفيا) التي تعني مُحِبُّ الحكمة، وهو الشخص الذي يمارس الفلسفة التي تنطوي عليها التساؤلات العقلانية في دوائر خارجة عن العلم والعقائد اللاهوتية. وهو التعريف الذي سبق أن اطلعتنا عليه المناهج التعليمية قبل ظهور الـ(ويكيبيديا) بسنين طويلة، لكن بالمعنى الحديث للفيلسوف؛ فتُعرّفه تلك الموسوعة؛ على أنه المثقف الذي يُساهم في واحد أو أكثر من فرع في الفلسفة، ونظريات المعرفة، والمنطق، والميتافيزيقيا، والنظريات الاجتماعية، والفلسفة السياسية.. أيضاً قد يكون الفيلسوف واحداً من الذين ساهموا في العلوم الإنسانية أو العلوم الطبيعية الأخرى التي انفصلت عن الفلسفة على نحوٍ سليم على مرّ القرون، مثل الفنون، والتاريخ، والاقتصاد، وعلم الاجتماع، وعلم النفس، واللسانيات، وعلم الإنسان، واللاهوت، والسياسة.
وأمام التعريفين القديم والحديث للفليسوف؛ فمن النادر إنّ مرّ عصرٌ، أو قرن على الإنسانية، لم تعرف فيه فيلسوفاً أو أكثر، فيلسوف أمسى له أفكاره ومريدوه، وتأثيره الكبير في تيارات إنسانية واسعة.. غير أن اللافت؛ إنه منذ النصف الثاني من القرن العشرين، وربما بعده بقليل، وإلى اليوم، وكأن الفيلسوف قد غاب عن الساحة الثقافية والفكرية.. صحيح قد لا تخلو الساحات الثقافية في كل العالم، بما فيها الساحة العربية من (مُفكر)، غير أنه لم يرقَ ليكون فيلسوفاً، ويحمل شواغل الفيلسوف المُتعارف عليها قديماً وحديثاً، وكأن ثمة سعياً لا هوادة فيه لتغييب العقل، وربما هذا ما يُمكن تفسيره في حالة (الجنون) الكونية التي تظهر بعشرات الأشكال!!
ذلك إنه من باب أولى أن يكون للفيلسوف والنظريات الفلسفية الحضور في القرن الحادي والعشرين, والنظريات الفلسفية التي يُفترض أن يكون لديها الرد على التحديات الراهنة, التي يطرحها العالم اليوم، أو تفسير بعض حالات الجنون الكونية التي أشرنا إليها.. لاسيما وقد فشلت كل (الميتافزيقيا) القائمة اليوم بالإجابة عنها، وكانت محنة كل هذا الشرق، وليس العرب فقط في هذه (الميتا)، التي غايتها دائماً تغييب العقل في كل هذه الماورائيات التي لا تقنع كائناً يمتلك الحد الأدنى من الوعي!!

وإذا ما توفرت بعض الجهات الفكرية في العالم وتقوم اليوم بالإجابة عن التحديات الراهنة التي تضع هذا الكون على قمة مفتوحة، ومشرّعة على كل الهاويات؛ غير أن الأكيد فإنّ حضور الفيلسوف والنظريات الفلسفية ضعيف في العالم العربي، وإذا كان موجوداً فالحقيقة ليست لديه المنابر التي تتيح له أن يتحدث من خلالها, أو أن يُعرب من خلالها عن أفكاره.. ومن هنا نُفسر افتقاد العالم العربي للفيلسوف القطب الذي بدوره يُشكل تياراً أو حتى مدرسة..!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار