معاني العيد الغائبة ..!
كثيرة هي المعاني التي تتجلى في عيد الأضحى المبارك، دينية وإنسانية واجتماعية واقتصادية .. جميعنا يعلمها ويعتقد بها، لكن قلة من يعمل بها كلها أو بعضها، مع إن جميع تلك المعاني مقوننة بشرائع سماوية ونصوص وضعية ومعززة بمؤسسات وكوادر بشرية يفترض أن تكون مؤتمنة على تطبيقها على أكمل وجه من دون تحيز لمصلحة غني على حساب فقير ولا لمصلحة جماعة ضد فرد .. الجميع سواسية أمام القانون ..!
فالعيد أيام معدودات .. يوم تلتقي قوة الغني، وضعف الفقير على المحبة، واليسر والسعة، ويوم لفرح ومرح الأطفال داخل المنازل وفي الحدائق والساحات والملاعب، ويوم تجتمع الأرحام على البر والصلة والتسامح والتزاور، ويوم يجدد الأصدقاء فيه أواصر الحب ودواعي القرب، وفي هذا كله تأصيل للروابط الاجتماعية على أقوى ما تكون من الحب، والوفاء، والإخاء، وتذكير لأبناء المجتمع بحق الضعفاء والمحتاجين؛ حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت، وتعم النعمة كل أسرة.
هذه بعض معاني العيد كما نفهمها .. فأين نحن اليوم من هذه المعاني ، وأين هذا العيد منا؟ .. إن ما يؤسف عليه أن البعض جرّدوا الأعياد من معانيها، وعطّلوا أعمال الخير فيها عبر لهاثهم المستمر وراء تجارة لا غاية منها إلا جمع المال بطرق غير قانونية ووسائل ليس أولها الغش ولا آخرها الاحتكار .. ومن خلال صناعة تسري في بعض منتجاتها سموم الغذاء وسقم الأبدان تستهدف الصغير قبل الكبير .. وعبر تقديم خدمات بأدنى حدود المطلوب وأعلى الأسعار وكأننا في وضع حيث لا مكان للأخلاق ولا للمبادئ ولا حتى للتعامل الإنساني وسط شلل واضح لمؤسسات أحدثت بالأساس لقمع هذه الحالات وإعادة الحقوق إلى أصحابها وتحقيق العدالة بين جميع المواطنين وفق ما نصت عليه التشريعات النافذة والأهم محاسبة المخالفين ومعاقبة المتجاوزين بأشد العقوبات التي تعيد هذا الوضع إلى حالته السليمة ليس فقط خلال أيام الأعياد بل على مدى أيام السنة كلها، وليس في حي أو منطقة ومحافظة بل في كل الأحياء والمناطق والمحافظات على امتداد ساحة الوطن.