حبر على ورق

ليس بجديد الحديث عن أن وسائط نقل الركاب على اختلافها كانت فيما مضى ولا تزال تضرب عرض الحائط بالتسعيرات النظامية المحددة من مكتب المحافظة التنفيذي وتتقاضى زيادة في الأجر على الخطوط جميعها تصل إلى نحو ضعفين أو أكثر.
الملاحظ وبعد الزيادة الأخيرة لسعر مادة المازوت أن تلك الوسائط على تنوعها لم تنتظر صدور التسعيرة الجديدة، بل وفي صبيحة اليوم التالي للزيادة رفعت جميعها ومن تلقاء نفسها الأجور إلى حدود فاحشة غير آبهةٍ بأحد، حتى إن بعضها توقف عن العمل نهائياً متسبباً بمنع وصول المواطنين إلى وظائفهم وأشغالهم.

المفارقة أنّ التسعيرات الجديدة التي صدرت مؤخراً عن المكتب التنفيذي للمحافظة بعيدة كل البعد عن أجور الواقع، إذ لم تصل حتى إلى حدّ مساواة الأجور المخالفة التي كانت دارجة قبل رفع سعر المازوت, ولم تتمكن حينها أي جهة من ردعها، وهنا يحق التساؤل عن ماهية الأجور الجديدة «المخالفة» التي ستفرضها وسائط النقل وتثبتها كأمر واقع وخاصةً أنها اعتادت تجاهل التسعيرات النظامية, وجعلتها لا تتعدى كونها حبراً على ورق، والإجابة هنا ليست بمعقدة إذ تدل المؤشرات من خلال واقع ما أصبحت تتقاضاه تلك الوسائط بعد زيادة سعر المازوت مباشرةً أنّ الإضافات على الأجور القديمة المخالفة تصل إلى ما نسبته 40% أو أكثر.
بالطبع الحال ليس بالأفضل على صعيد نقل البضائع, حيث زاد الانفلات الحاصل بعمليات الشحن بشكل غير معقول وخاصةً مع غياب أي ضوابط تحكم هذه الخدمة أو مرجعيات تحدد الأجور النظامية الملزمة ليترك الأمر لمزاجية وجشع مقدم الخدمة، وهو ما ينعكس زيادة في قيم المواد المنقولة على اختلافها, والتي يتحمل تبعاتها بالنهاية المستهلك.
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّه وبقدر ما هو مطلوب أن تكون أجور النقل منصفة لمقدم الخدمة والمستفيد منها في آنٍ معاً ، هناك حاجة ماسة لأن تمتلك الجهات الرقابية المعنية القدرة والإمكانات المناسبة للإلزام بالتسعيرات النظامية وضبط وردع المخالفات الحاصلة بتقاضي أي زيادة عليها، وأن يواكب ذلك تأمين حاجة وسائط النقل من كميات مادة المازوت الكافية لتشغيلها لكيلا تضطر لشرائها من السوق السوداء بأضعاف سعرها النظامي وتتخذها مسوغاً لارتكاب المخالفة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار