تنموي خجول
تكتنف عمل البلديات حالة من الوهن العام ناجمة عن قلة الإمكانات وتراجع القدرة على أداء الكثير من المهام المنوطة بها.. وهذا ما انعكس سلباً على تدني مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وتسبب بتفاقم مخالفات البناء.
إن موارد البلديات على اختلافها تدهورت بشكل كبير خلال السنوات الفائتة، إذ أصبحت هناك ندرة بالتراخيص التي تعد أحد أهم مصادر دخل البلديات وذلك إما بسبب ضعف الحركة العمرانية نتيجة فحش تكاليفها أو بسبب إنشاء معظم الأبنية بشكل مخالف وعدم قدرة البلديات على ردعها والإلزام بالتراخيص وخاصة في الأرياف، كذلك ضعف الجباية المتحصلة من الفعاليات التجارية والحرفية والمهنية وغيرها التي تمتنع عن تسديد التزاماتها إلا في حالات قليلة عندما تحتاج إلى معاملة تتطلب ثبوتيات من البلدية، حتى بدل استثمار عقارات البلديات من أسواق الهال والأسواق التجارية وغيرها يكاد ينقطع نهائياً.
ما فاقم الوضع أكثر أن ضعف الموارد قابله قلة بالاعتمادات المرصودة من جهات الإدارة المحلية لصالح تنفيذ المشاريع الخدمية من طرقات وصرف صحي وإنارة وأرصفة وأطاريف، وما ينفذ على هذا الصعيد حالياً لا يتخطى عتبة الترقيع، حتى أعمال النظافة تدنت نتيجة نزيف العمالة وقلة الآليات التي خرج قسم كبير منها من الخدمة فيما المستثمر أكثره متهالك ويحتاج إلى إصلاح متكرر بتكاليف عالية غير متاحة غالباً، كما تلعب عدم كفاية المحروقات اللازمة لتشغيل الآليات دوراً سلبياً في تراجع أعمال النظافة.
المستغرب أنه وبرغم التوجيهات بضرورة إنشاء مشاريع تنموية لصالح البلديات من أجل تحسين مواردها فإن ما تحقق حتى الآن خجول جداً وفي بلديات لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، وعلى ما يبدو أن العوامل السابقة من ضعف الموارد والاعتمادات لها دور أساسي في إبقاء هذا الأمر مجرد عنوان يتم طرحه والتوجيه بضرورته في أكثر من فعالية ومناسبة فيما مفاعيله على أرض الواقع لا تلبي الطموح.
المأمول حيال ما تقدم إيجاد الآليات المناسبة لتحسين الجباية والمهم أكثر تحصيل بدل الاستثمارات وفق الأسعار الرائجة، توازياً مع ضرورة إلزام البلديات بوضع منهجية لمشاريع تنموية تتواءم مع طبيعة واحتياجات المناطق التي تقع ضمن حدودها الإدارية لتكون قابلة للنجاح وتحقق الريعية المأمولة منها، على أن يترافق ذلك بتأمين التمويل اللازم والكافي لها.. لعل ذلك يسهم في المستقبل القريب ببدء دوران عجلة تحسن الواقع الخدمي الذي ينشده السكان في معظم المدن والبلدات.