الخبز.. بلا تجريب!
تعمل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على مشروع «أتمتة بيع مادة الخبز المدعومة» عبر البطاقة الإلكترونية بتطبيق آلية جديدة ضمنه وهي «توطين مكان استلام المادة» ابتداء من ثلاث محافظات هي «حماة، اللاذقية وطرطوس» لتعمم بعدها على بقية المحافظات.
وتشبّه «التجارة الداخلية» طريقة اختيار نقطة البيع للخبز بطريقة استلام أسطوانات الغاز والمواد المدعومة.
قبل تعميم الآلية الجديدة والخوض في احتمالات نجاحها أو فشلها علينا الإشارة إلى مسألتين:
الأولى: إن هناك مشكلة مازالت قائمة في عملية توزيع الخبز لم تستطع البطاقة الإلكترونية أو ما تسمى «الذكية» حلها بشكل نهائي، كل ما هنالك أنها استطاعت التخفيف منها.. لكن في المقابل استمرت مخالفات المتاجرة بمادة الخبز مع أسعار خيالية للربطة في سوق المتاجرين ما يدل على أن مشكلة البيع ليست عند المواطن بل مصدرها المخابز من عمال ومشرفين وربما مُنظمي دور ممن يتعاملون مع البائعين خارجها، وعلى الوزارة أن تبدأ بالحل من داخل المخابز قبل أن تصل إلى نقطة البيع سواء كان «معتمداً أو إحدى صالات المؤسسات الحكومية أو الجمعيات التعاونية».
والثانية: إن موضوع الخبز لا يحتمل مزيداً من التجريب والمغامرات، خاصة أن اعتبار آلية توزيع أسطوانات الغاز والسكر والرز عبر البطاقة الإلكترونية مثالاً ناجحاً يُبنى عليه في توزيع الخبز، وهذا أمر غير منطقي نظراً لتأخر مواعيد استلام تلك المواد لأكثر من شهر.. فهل تأخير استلام ربطة الخبز ليوم واحد يمكن أن تحتمله العائلة مع عدم إمكانية الشراء من أي مخبز أو صالة أو معتمد – وفق الآلية الجديدة – غير الذي تم تخصيصه مسبقاً؟ فضلاً عن أن معاناة المواطنين مع المعتمدين ونقاط البيع الحالية للخبز على مدار الساعة، لم تحل رغم عشرات الشكاوى اليومية!.
لا شك في أن قراراً من هذا العيار الثقيل يحتاج مزيداً من النقاش والفحص والتمحيص ومشاركة المواطن في وضع حيثياته ليكون النجاح حليفه أثناء التطبيق، خاصة أن الهدف منه غير مفهوم حتى اليوم.. هل لتخفيف الازدحام على الأفران والمخابز أو لمنع المتاجرة بالرغيف أو تحسين نوعيته وجعل طريقه الوحيد إلى معدة الإنسان لا علفاً للمواشي أو ضبط عمليات تهريب الدقيق التمويني المدعوم التي كثرت مؤخراً أو ترشيد استهلاك الخبز أو كل ما ذكرناه؟ لكن ومع تسليمنا سلفاً بأنها كلها مبررات منطقية للحفاظ على استمرارية إنتاج الرغيف إلا أن مشكلة توزيع الخبز والمتاجرة به وهدره وسوء صناعته غير معني المستهلك بحلها، وفي هذا الأمر يمكننا تذكير وزارة التجارة الداخلية بالقول المأثور: «دود الخل منّه وفيه»!.