استثمار درامي
قدّم مسلسل “مقابلة مع السيد آدم” للمخرج فادي سليم نموذجاً سبق أن اشتغلت عليه الدراما في التعاطي مع ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن خط درامي فرعي رديفٍ لآخر أساسي بهدف كسب المزيد من التعاطف والتأييد للقضية المطروحة أيّاً كانت، فلا مبرر آخر لتقديم طفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة في العمل المذكور سوى هذه الغاية، حيث يتم اختطافها للضغط على أبيها الطبيب الشرعي، لتغيير تقرير كتبه في جريمة قتل، بالتأكيد كنا سنتعاطف مع أي طفل في الموقف نفسه، لكن اختيار طفلة بهذه المواصفات لم يخدم أي موضوع يخص حالتها بقدر ما استجدى التعاطف مع الأب المفجوع برحيل ابنته بعد التلاعب بأدويتها.
التعاطي مع ذوي الاحتياجات الخاصة على اختلافها حركياً وذهنياً بالأسلوب السابق لم يُضف للصورة الذهنية التي كوّنها المجتمع عن هؤلاء في زمن سابق بل ربما ساهم في دعمها، ففي أحسن الأحوال هم عاجزون ومثيرون للاهتمام، يحتاجون المساعدة دائماً ولا أُفق أمامهم، وهو ما اشتغلت على تغييره مؤسسات حكومية وخاصة، أفسحت لهم فرص التعليم والعمل، ودافعت عن حقوقهم في قضايا جوهرية كالزواج والميراث والتملّك والتنقّل.
يمكن لنا هنا أن نستحضر مسلسل “وراء الشمس” للمخرج سمير حسين كواحدٍ من أهم الأعمال التي سلطت الضوء على هذه الشريحة، وأبرز ما تطرّق إليه أحقية ذوي الاحتياجات الخاصة في الحياة من خلال أب وأم يعرفان أن جنينهما “مريض” تبعاً للتعبير المُستخدم شعبياً، ويختلفان حول الإبقاء عليه أو التخلص منه، وهي إشكالية حقيقية تستحق البحث، فكم من آباء وأمهات اختاروا إجهاض الجنين تفادياً للإحراج أمام الناس بسبب شكله وتصرفاته المُتوقعة أو المسؤولية التي سيتوجب عليهما القيام بها تجاه الصغير غير القادر على خدمة نفسه والذي سيحتاج من يُعينه مهما تقدّم به العمر !.
اللافت في العمل نفسه إظهاره عدة نماذج من ذوي الاحتياجات الخاصة “أصحاب متلازمة داون أو اضطراب التوحد”، أحدهم ابن لعائلة ميسورة الحال والآخر من عائلة مُعدمة لكنه صاحب مهنة، أيضاً لم يُهمل العمل اختلاف متطلبات هذه الشرائح باختلاف الأعمار، مُحوِّلاً التعاطف إلى مواجهة حقيقية وأسئلة لا بدّ من رصد إجاباتها. إشكاليات بالجُملة نتمنى أن تقاربها الدراما بجدية ووعي، بدلاً من استثمارات مجانية.